شارع العطايف
بداية .
من حسن حظي لم اسمع عن عنوان القصة – لا محتواها – سوى مرتين !
مرة رأيت شخص يسلفها لشخص فقرأت العنوان وشعرت انه مألوف ، ومرة اخرى اسم لانسان يكتب في موقع ياسر الغسلان ، وحسن الحظ هذا يكمن في عدم تعبئتي اتجاه العمل سلفا سواء بالمدح المبالغ به و المنفر بالنسبة لي او السب والاتهام الذي ربما دفعني للاطلاع عليه بحكم الانصاف او الفضول .
نقطة اخرى احببتها ايضا وهي اني لا اعرف اي شئ عن الراوي عبدالله بن بخيت– وهذا ليس تقليل من قدره فربما كان شيئا معروفا لكن قلة اطلاعي جعلته غير معروف لدي – لذا ان قرأتها سوف اتلقى فقط النص ، متن مجرد وعمل صافي بلا نقد مسبق او اي انطباع شخصي حول المؤلف وكتابه .
كيف حصلت على الرواية ؟
في زيارة عائلية تحدثت مع احد قريباتي عن علاقتها بالكتب ، فاجابت انها انهت منذ وقت قريب روايه ( شارع العطايف ) واوجزت مختصره بان ما لفت نظرها الوصف الدقيق وحرية البوح وقد صدقت مرتين ، مرة في قولها هذا ، ومره حين وعدت بارسال الكتاب لي وقد فعلت حين ارسلته بمظروف ابيض مساء يوم السبت الماضي .
انهيت الرواية في خمسة ايام ، للدقه مساء الخميس في تمام السادسة مساء ، وما قرأت كان مؤثرا الى حد كبير ومعد بشكل صادق تمتزج به الموهبة التلقائيه مع الهبة الالهية للكاتب و بعض احتراف دفع الرواي لعدم الاسترسال في نقاط معينه اجتنابا للملل وعدم الاختزال في موقع آخر يرغب به القارئ ان يلم بالحدث اكثر و يغرق في تفاصيله .
هي رواية تغلقها بعد ان تنهيها ولكن شخصياتها تبقى بداخلك ، تشعر بوجودها وتكاد تسمع نبضها لفرط رسمها بشكل محايد ، فهي تحيا بين حدي الخير والشر وتتلون بالوانهما مثل كل البشر .
رواية الاحداث و الشخصيات بها رماديه ، فلا ابيض مطلق ولا اسود مطلق ، صفحات تمضي بك بين الرمادي الفاتح او الداكن ، في حركة مستمره دون ثبات او منطق كالحياة تماما .
المكان والزمان
لم يتعرض الرواي لهما بشكل مباشر لكن اوحى لنا بذلك ، فمكان الاحداث ووفق احساسي وفهمي تدور بالسعوديه فالرويض قد تكون الرياض ، والمستلز ربما الملز ، وجزيرة اللؤلؤ مملكة البحرين ، ومستشفى المشمسي هي الشميسي ، مكان حكم الاعدام الصويفيه هو الصفا ، الفنان سالم العبدالله قد يكون سلامه العبدالله ، ومنطقة الحسيوي الاحساء ، والدويمان الدمام و شارع المخزان هو الخزان وهكذا .
اما الزمان فكان في القصة حينا عنصر وحين شاهد عيان على الاحدات ، كان متنقل غير ثابت ، فتارة نكون في البدايات والطفولة ، وحين في الشباب والرجوله ، وحين آخر في الكهولة ، لكن بداية الزمان هنا مرتبطه بمرحلة انتقاليه ، لنحيا ما بين بيوت الطين ودخول التعليم والطب و التلفزيون اي ربما تكون في مرحلة الستينات الميلاديه وما قبلها بقليل وما بعدها بكثير .
عن الرواية و الشخصيات
النسخة التي قرأت كتب على ستيكر وضع عليها من الخلف ( 6.500 BD ) اي ربما تم شرائها من جزيرة اللؤلؤ ، تقع في 398 صفحه من القطع المتوسط ، صدرت عن دار الساقي للطباعة والنشر لاول مره في عام 2009 وفي الشهر السابع من العام قرأت الطبعة الثانية منها .
تقع الرواية في ثلاث فصول ، كل فصل يتحدث عن شخصية ، الفصل الاول عن حر تم استعباده وسلب اغلى مالديه حريته واشياء اخرى ، حاول الهرب من قدره ولم ينجح .
الفصل الثاني عن عبد تحرر ولم يجد له احد ، حلم ان يكون مثل البقية له بيت يعود اليه واحد يخاف عليه وسعى لتحقيق ذلك ، صارع القدر ولم يفلح .
الفصل الثالث عن حر سلب الآخرين اموالهم ليستعبد ذاته مع سبق الاصرار والترصد حين تعلق بمومس تقطن جزيرة اللؤلؤ .
هذه الشخصيات الثلاث تعرف بعضها البعض ، يعيشون في زمن واحد ومكان واحد ، تتقاطع حياتهم وتتداخل لنرى حضور كل شخصية في كل فصل ، فهم ينتمون لجيل واحد ، وشلة اصدقاء واحده ، ولكن لكل منهم قدره .
قدر منح لكل منهم حياته الخاصة ، لتجد لكل واحد منهم اناس يعنون له الكثير ولدى الاخرين قد يكونوا شخصيات على الهامش و ربما شخصيات لم يكترث لها احد ، اسماء حفرت باعماقه ، اعطته و اخذت منه ، منحته بلا حدود ، انتهكته حتى النخاع .
وجوه احاطته فخرجت لنا متحركه بين السطور لتصبح مهمه ومؤثره وان كتبت بسطور قليله ، نفوس مرت عليهم فشكلت وجدانهم وتكوينهم ، اناس وجودهم كان قوي في حياة اشخاص الرواية ، لا يمحى ولا ينسى .
رواية ابطالها اختزنوا بداخلهم مجتمع متناقض لذا كانت تصرفاتهم لا تقل تناقض عنه ، هي ثلاث قصص قد تبدو عاديه لكنها ابعد من قصه واقرب الى واقع مهمش تم سجنه بين دفتي كتاب قد يدفعك لاقصائه عن رف كتبك او نفيه بعيد عن منزلك وذمه ، او اكماله بعيون يساورها الدمع و تلمع حزنا على هذه الشخصيات او ربما على ذاتك ان وجدت بعضها ملقى بين السطور دون سابق تصور او استئذان !
مقتطفات من القصة :
” …. ملايين السنين مرت على البشر وهم يتبادلون الغدر “.
” .. من الواضح انه كان ينطفئ و تغلق في وجهه نوافذ الحياة الى الابد ” .
” .. ليس الخزي على المرأه التي تضاجع عشرات الرجال في اليوم الواحد ، ولكن الخزي على الرجال الذين يتعاقبون على امراءه بائسه واحده ” .
” .. كل انسان في هذا العالم لديه قصة تستثير الرثاء “
” .. صار الماضي كيسا متعفنا مملوء بالعذاب والندم والذلة والاحزان المتلاحقة ” .
” .. تحمس لوفاتها ليثبت للدنيا ان لديه اعزاء يموتون ” .
” .. لا يريد ان يصدق الحقائق ، ولا يريد ان يكذب الاوهام ” .
” ..احس بالألم عندما عرف بوجوده ” .
” ..انه انسان وحيد في قبضة من يؤمن انه يطهره وينقيه من الخطايا بطريقة ممزوجة بحقد شخصي و عنصريه ” .
” هناك علاقة ربانيه بين الجلاد والضحية ، فكل جلده يوقعها الجلاد على ضحيته تسجل له حسنه في سجله يوم القيامه “
” لو انه حرام لما ادخله عيال الشيوخ بيوتهم ووضعوه عند محارمهم ، بهذا المنطق العقلاني والذرائعي يتفادى كل نقد قد يوجهه له الشيخ حميد ، يعرف ان حميد اذا سمع كلمة الشيوخ ينتفض من الخوف ويصمت ” .
” ..مهما خطط الانسان تظل المصادفه اصله ومنشأه “
على الهامش :
+ لزيارة موقع ( البخيت . شارع العطايف ) اضغط هنا .
+ لقراءة موضوع بعنوان ( موهبة ماجد عبدالله ولدت بين العطايف والخزان ) اضغط هنا .
+ عن شارع العطايف ، ( جريدة الرياض ) .
+ شارع العطايف مفترق طرق بلا دليل ولا زاد ثقافي ( الشرق الاوسط ) .
+ شارع العطايف رواية للنسيان ( موقع العربيه ) .
+ بن بخيت ” لا اريد ان ارى الرواية على السينما او التلفزيون ” ، للمزيد اضغط هنا .
عرض مشوق للرواية، ربما أحاول الحصول عليها لاحقاً وقراءتها، وأظنها من النوع الاجتماعي والذي يتحدث عن العنصرية اللونية المتواجدة إلى حدٍ ما في المملكة والخليج بشكلٍ عام. شكرا لك
مزاجيات said this on يوليو 25, 2009 في 5:23 م |
هي قصة جزء منها يتتحدث عن العنصرية ، لكن بها الكثير من الامور الاجتماعيه التي تحدث ولا ترصد ويتم التكتم عليها وتركها دوما في الهامش ، لم اتطرق كثيرا الى التفاصيل كي لا افسد احداثها على من سوف يقرأها ، لكن من المؤكد بها الكثير من الامور التي تجعلها محظورة لدى البعض مثل التطرق للانحرافات الجنسيه او تجارة الرقيق الابيض اواستخدام اجساد الاخرين من اجل الحصول على المتعة او على بعض المال ، قصة تتطرق لما لا يحب الاغلبيه الحديث عنه ، قصة ترصد السقطات الانسانية بشفافيه وبحياديه تضعنا امام واقع مر لشخصيات مركبة يملؤها الخير والشر وما بين الطريقين تسقط وتتماسك و تتلون بالوان الحياة والظروف التي تحيطهم .
…….. اقتضى التنويه .
يزيد said this on يوليو 26, 2009 في 3:41 ص |
كانت ضمن قائمة مشترياتي من معرض الكتاب
إذا نضعها على قائمة القراءة
شكرا على هذا العرض
al-anoud said this on أغسطس 1, 2009 في 5:04 م |
العفو عنود .. وقراءة ممتعه .. اتمنى ذلك 🙂
يزيد said this on أغسطس 3, 2009 في 4:36 ص |
مع التحية والتقدير
وقعت اليوم على هذا المقال بالصدفة
سعدت كثيرا يبدو أن كاتب هذا المقال قرأ الرواية بالطريقة التي كتبت بها
مؤلف شارع العطايف
عبدالله بن بخيت
عبدالله بن بخيت said this on أغسطس 13, 2009 في 6:41 ص |
التقدير لك على هذا الجهد الصادق المبذول في اعداد العمل وحفظ مرحلة يتم دوما اهمالها مع سبق الاصرار والترصد من تاريخ وطن لا يختلف عن غيره من بلاد الله ، كونه حافل بالانجازات والسقطات على حد سواء .
وصولك هنا صدفه والتعليق الذي اضفت للموضوع امر بالتاكيد لا يسعدني بل يتجاوز هذا الشعور مقتربا من خط الامتنان و يتجاوزه بكثير 🙂
شكرا لك مرتين ، مرة على الرواية التي كتبت و مرة اخرى على التعليق الذي اضفت … شكرا .
يزيد said this on أغسطس 13, 2009 في 9:21 ص |
هي مجرد صوره محلية لرواية الخبز الحافي
Ahmed said this on سبتمبر 26, 2009 في 11:50 ص |
من حيث السرد وكانها سيرة ذاتيه اتفق معك
يزيد said this on سبتمبر 30, 2009 في 9:58 م |
الروايه عصاره لفكر كاتب إستطاع أن يختصر حقبه من تاريخ المجتمع السعودي ربما لايزال باقي منها بعض الثمالات وستظر أيضامن خلال حريه الفكر والنشر
البيردار said this on نوفمبر 24, 2009 في 2:01 م |
دورت عن الروايه مالقيتها .. اتوقع ممنوعه ..
ياليت اذا ودك تبيعه انا شرااي ..
وهذا ايميلي اذا ودك cd8-@hotmail.com
تركي said this on ديسمبر 20, 2009 في 2:13 ص |
للاسف لقد تلقيتهاهديه ومن الصعب بيع الهدايا بالاضافة الى ان هناك من استلفها مني لقرائتها وبالبحث قد تجدها هنا او هناك ان حدث ووجدتها ساضيف اي رابط لها هنا ، موفق باذن الله.
يزيد said this on يناير 4, 2010 في 3:02 م |
رواية اكثر من رائعة بصراحه
SasuKe said this on مارس 7, 2010 في 4:14 م |
العزيز ساسوكي واضيف لكلامك كلمة مختلفه
يزيد said this on مارس 8, 2010 في 4:18 م |
مساء الخير ..
من يوم واحد أنتهيت من قراءة الرواية
وكما ذكرت أخي يزيد … لازالت الشخصيات تعيش بداخلي … لم أستطيع التخلص منها , ولكن كمية الألم والحزن التي تحملها سطورها أكثر من أي وجع لا زلت أتألم …..
وكان عزائي أن أبحث عنها ربما أتخلص مما في داخلي ..
لك جزيل الشكر قراءتك رائعة ..
عندما يصبح الشتاء ربيعاً said this on يوليو 4, 2010 في 10:05 م |
عندما يصبح الشتاء ربيعا … اسم حالم لا يخلو من تحدي !
مساء مورد بزهور الرضا و الاستقرار والتفاؤل
هي قصة قرائتها مرهقة بعض الشئ لمن يملك احساس مرهف ، اسعدني ان تكون قرائتي قد لاقت بعض استحسانك ولك جزيل الشكر .
يزيد said this on يوليو 6, 2010 في 11:49 م |