وقت مستقطع … احببته

time

اكثر من حياة

الحياة حياتان ، حياة تفرض علينا ابجديتها وفق القوالب المعتاده والسنن الدائمه ، فنشيخ و نضعف و نمرض ونعمل في وظائف قد لا نحبها لضمان اشياء كثيره ، مثل دخل ثابت ، رسم صورة للفرد يقدرها المجتمع ، فالمهم ان يستيقظ ويذهب للعمل بغض النظر عما انتجه حقا او قدمه من اضافه لذاته او لمن حوله ، الاهم استمرار هذه الحياة لتسير حياة الآخرين بسلام ، فلا اب يرغب بمشاهدة ابنه عاطل ، ولا ابن يسعد بوالد لا يمنحه مصروف يومه وابسط حقوقه .

انها حياة تشبه دائرة كلما كبرنا ضاقت ، وللدقه هي لا تضيق فالحياة هي الحياة منذ طفولتنا لكن نحن من نكبر فنشعر ان الحيز الذي كنا نلعب به بات اصغر والعمر بات اقصر والقيود غدت اكثر ، فنضيق وقد تضيق بنا الحياة .

اما الحياة الآخرى في العالم الذي نعيش هي الحياة التي نختارها وتسعدنا وان لم ترق للآخرين ، هي الحياة التي نحياها داخل الحياة اليوميه ، وتكون في خضم امواج الحياة طوق نجاة ، وقد تكون رئة جديده ، تمنحنا التنفس عبرهدوء نسبي نحتاجه لنكون انفسنا ولو لوقت مستقطع من يوم طويل او عمر كامل .

هذا الوقت قد نخطط له  او نبحث عنه ، او نحتاجه ، وربما الثلاثة معا ، في حالات قليلة  يحالفنا الحظ فياتي لنا طواعيه كامطار شحيحه نادرا ما تأتي لتغسل بيوت بلادي .

…. عن الحياة الاخرى ….عن الوقت المستقطع …. عن شئ اختاره واحبه …. اكتب هذه السطور .

التكرار الجميل

في احيان كثيره اشعر انه لم يعد هناك جديد حقا ، وكل جديد اصله قديم ويكررونه ، بعض التكرار ممل وربما اغلبه ، لكن اقله ممتع وحين يحدث تشعر بسعاده مبهمه تعيدك طفل صغير  .

البارحة يوم لا استطيع تصنيفه ، فلا هو طويل ولا قصير ، لم يكن مثمر ولم يكن هزيل ، لم يكن سئ ولم يكن جميل ،  يوم يشبه الايام الآخرى لكنه يشع بشئ سلبي يصاحبني في اكثر لحظاته ، يوم  لا يخلو من دهشة غير مبرره ، فقد كنت اشعر ان هناك جبل جاثم على صدري وقلبي ومع هذا اتحرك بشكل عادي ولا اشعر به واشعر !

البارحة يوم تخلله جزء من التغيير وهذا الذي كسر روتين الايام السابقة و اضاف لليوم بعض البهجة المفقوده منه .

لقد ذهبت لـ ” سوق الزل ”  ، وبالتحديد لمحل يبيع اشياء قديمه كانت منذ زمن تقبع بداخلي وارها اليوم بعد رحيلها تطالعني وجه لوجه وهي تتزاحم للقائي فوق الرفوف الزجاجيه .

من ضمن ما وجدت المناهج الدراسيه القديمه ومن بينها كتاب قد درست منه يوما ما ، فتحته وبدأت اقرأ ولكن لمعت عيناي لترقص السطور امامي ، حين فتحت دفتيه ظهر اكثر من عشرون وجه كانوا  يشاركوني الفصل الذي اخرجت به الكتاب وادخلته مرارا وتكرارا  في الحقيبه المدرسيه ، تذكرت تلك المرات القليله التي يكون بها الطالب الجالس جواري قد نسى كتابه فيقترب مني لنقرا معا من كتاب واحد ونتبادل همسا او كتابة بعض التعليقات الضاحكة .

فكرت لوهلة ان اشتري هذا الكتاب ، لكن وجدت به كلمات وخطوط كتبها طالب آخر ، تعليقاته نقشت فوق الهامش يمين ويسار ،  آبية باصرار طفولي ان تترك بياض الصفحة كما هو ، السطور المطبوعة امامي فوق الورق هي سطور كتابي لكن الاثر الذي به ليس اثري لذا تركته نائما بكل الذكريات التي يحتويها ، اغلقته ولكنه ترك بوابة الذكريات مفتوحة على مصرعيها لاجد هنا اكثر من شئ مشترك بيني وبين طلبة فصلي و طلبة المدرسة ككل وربما طلبة وطن كامل ،  مثل المبراة الدائريه والمناهج الدراسيه ومرطبات تلك الفترة من فيمتو وعصير ثلاث جواهر ، كما يوجد امور كانت تميز كل طالب عن الآخر ،  مثل مسطرة وضعت فوقها صور لفريق ” نادي النصر ” تتحرك كلما حرك زميلي يديه مستفزا زملائه من مشجعي النوادي الاخرى .

ما الذي حملته معي ؟

هو الشئ الذي اتيت للمحل لشراءه المجلات القديمه ، وكنت ذاهب في الاصل لشراء مجلتين فقط لكن احببت ما شاهدت فحملت ما استطعت معي بالاضافة الى سعادة نمت بداخلي كنبته سحرية لم يبذرها او يسقيها احد لكن تظهر فجأه لتومض كنجمة سريعه ثم تذهب وتمضى آفلة دون موعد عودة محدد .

لم اكن ارغب بان ينتهي الوقت ، شعرت اني عدت طفلا صغيرا سعيد ،  اتبضع بحيرة ، ولا ينقصني سوى وجود امي معي .

حين عدت  للبيت جلست ، حاولت ان ادخل الجالسين في غرفة المعيشه لتلك الاجواء معي عبر قراءة عنواين الاخبار او تذكيرهم بجهاز تسجيل قديم يظهر اعلانه في الغلاف الخلقي للمجلة ، لكن احد لم يتفاعل ، بل البعض كان يرهقه بعض الشئ العودة الى القديم وكانه يفتح جراح قد تم اغلاقها باتقان عبر خيوط التجاهل والنسيان وبنج اللاعوده .

لا انكر اني حزنت بعض الشئ ايضا لاسباب اخرى ، فمساحة الحرية وترك الانسان لأخلاقه وقيمه دون فرض وصايه كان واقع ظاهر بشكل اكبر ، فلو اطلعت على عدد لمجلة اليمامه اليوم ، وعدد كان بين يدي يعود لعام 1975 لشعرت بفرق ما ، سواء عبر الاعلانات المدرجة ، او موضوعات الازياء وصور العارضات ونجوم العالم  ، ترجمة نصوص الاغاني الاجنبيه  .

من ضمن ما وجدت في العدد الذي كنت اطلع عليه مع اهلي موضوع مبوب تحت عنوان ( رسالة باريس ) يكتبها صحفي صغير العمر وقتها كان يدرس في السربون في تلك الفترة اسمه  ” فهد العرابي الحارثي ” الذي بات اليوم احد اعضاء مجلس الشوري ورئيس تحرير لنفس المجلة من عام 1981 الى 1992 ميلادي ، كان موضوعه حول الروك آند رول وليالي باريس و ديفيد بوي مع نشر صور لاغلب الفنانين الذي ورد ذكرهم في الموضوع الذي يتجاوز الثلاث صفحات الكبيره ، ويبدو لي انه كان موضوع اسبوعي حيث وجدت نفس الرسالة بموضوعات اخرى في عدد آخر .

في النهاية تأتي البدايه !

كل ما حدث او كان  ، كان بدايته اعلان في صحيفة الرياض الالكترونيه وفي الاعلانات المبوبه ، اعلان اطلعت عليه منذ وقت وحملني لموقع اسمه ( مزآرآثي ) من خلاله وجدت مجلتين رغبت بشرائهما في ( دكان هوايات عربيه ) وهو لبيع العملات والطوابع والمخطوطات والكتب والمقتنيات التراثية ، ومن التواصل كان اللقاء  ثم هذا الوقت المستقطع الذي احببت .

على الهامش :

+ للتواصل الالكتروني مع المسئوول عن دكان هوايات عربيه (hobby4arab@hotmail.com ) .

+ لزيارة المنتدى الرسمي لهوايات عربيه ( اضغط هنا ) .

+ لزيارة موقع مزآرآثي ( اضغط هنا ) .

~ بواسطة يزيد في أكتوبر 8, 2009.

10 تعليقات to “وقت مستقطع … احببته”

  1. أتمنى لو كُنت ولدت في ذاك الزمن , كان كل شيء في بدايته و مع ذلك في أجمل صُوره ! , المقالات و الإعلانات و الأغاني الصادقة والبساطة التي تنقلك للعيش بابتسامة مصدرها ألف طريق أمامك سواء من كتاب أو فيلم تهتز صورته و ينقطع التصوير لثواني به رغم ذلك أنت تشاهده باستمتاع وترقب , على عكس كل الأمور التي تطورت ودفعتنا للاحساس بالكمال المزيف و أشعر بأنها جعلتنا متخبطين بين ساعات أيامنا هل نلحق الركب أم نظل في الزمن الذي كنا نود عيشه ! , أريد القول بأن هذا الموضوع من المواضيع التي أُفضل قرائتها أكثر من مرة ربما لأنه يتفق مع فكرة دائمة المكوث في عقلي , شكراً جزيلاً لثوثيقك هذا الوقت المستقطع 🙂

  2. امنيه مشتركه ، وعن نفسي حاولت ملاحقة الركب فاستطعت ببعض الامور وبعض اخر خذلتني قدراتي وسعيد بهذا الخذلان !

  3. ماأعرف ليه أحس بحنين لهالأيام مع اني ماعشتها
    شكرا على هذا الترف المستقطع

  4. نفس الشعور هنا ، والعفو عنود

  5. قرأت الموضوع أكثر من مرة. عجبني تصنيفك للحياة.. و كيف ان حياة تشبه دائرة كلما كبرنا ضاقت.. دائما أتمنى أن أستطيع أن أكتب ما بداخلي لكن صعب أعبر عنه في كلمات..
    أهنيك على الموهبة.

  6. هذه السطور التي كتبتي عبرت عما بداخلك … وبصدق ..الكتابه ..القراه .. لا تختلف عن التمارين الرياضيه … فالعضلات لا تنمو في يوم وليله ولكن مع الممارسه تظهر .. ومع الوقت والتدريب المسافة التي كنا نمشيها في ساعه نقطعها بكل اريحيه في دقائق لا تكمل الساعة ..وهذا يحدث صدقيني ..وشكرا لك

  7. شكراًيزيدأمتعتني كالعادة
    وأحزنني أن أحداً لم يتفاعل معك، فالجمال في روح المشاركة، لكن يكفي ان تضع ما مررت به هنا حتى تجد من يتفاعل معك بشكل كبير.
    جميل جداً بحثك عن مثل تلك الأشياء القديمة والرائعة
    وعرضك دائماً رائع ومميز
    شكراً لك

  8. العفو مزاجيات ، و احيك على هذا التفاعل الانساني الذي ينم عن تربية سليمة وشخصية تسعى للاتزان في حياتها واضافة الكثير لذاتها وللآخرين ، وكل عام وانت بخير .

  9. يزيد قلم ينزف بعطر فرنسي أخاذ لم يتأثر بمرور الزمن بل زاده التعتيق تركيزا . نزف أم عزف على الأوتار
    قدرة هائلة على تصوير ماض ً جميل وربط الخيوط والاحداث بمهارة أستاذ جراح
    أهنئك على ذلك ….. وأتمنى لك التوفيق والنجاح

  10. العزيز حمود شكرا لك على هذه السطور ، ولك مثل ما تمنيت لي واكثر .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: