كلمات صغيره

” كلمات صغيرة ” اسم لكتاب ضم ما سطرته بيدها قبل رحيلها في اوراق يسيره ، قصيره ، متنوعة الموضوعات رغم انها  لم تاخذ اكثر من 37 صفحة لا غير ، هذه السطور القليله تختصر رحلة كفاح و حياة طويله في ومضات تشبه ضوء البرق الخاطف ، صفحات نقرأها ونحن نطويها سريعا وكأنها ايام العمر الذي يمضي بنا دون ان نشعر بسرعته او قرب انتهائه .

في هذا الكتاب الوجداني تتحدث عن حبها لله ، لاسرتها الصغيره ،  لشعر محمد اقبال ، عن مشاعر متعدده  تعتريها ، ، عن المعرفة البشريه ، عن الأمل ، عن الغربة التي اخذت من عمرها سنوات وسنوات وتطرح تسأولاتها الملحة  مخاطبة الله    ” … يا الهي ! كيف يستطيع انسان ان يقتل انسانا آخر بغير حق ؟! ، وكيف يستطيع انسان ان يعذب انسانا مهما كانت الاسباب ؟! ” .

تنقش خوفها من ان تدفن خارج بلادها حيث تكتب امانيها البسيطه مخاطبة  زوجها   ” …. كم اتمنى يا عصام – وهذا جزء من ضعفي البشري وشعوري الانساني لم استطع التخلص منه بعد –  ان نعود قبل موتنا الى دمشق ، وان نقضي ما بقي من حياتنا – ان كان في حياتنا بقيه – هناك ، وان ندفن – عندما يحم اجلنا – بجوار من سبقنا من اهلنا و احبابنا في تربة الدحداح او الباب الصغير …ولكن يبدو لي – والموت يتعقبنا في كل وقت وفي كل مكان – اننا سندفن في الغربة كما عشنا في الغربة ..بعيدا .. بعيدا ..عن الأهل و الوطن . ”

غربه

في يوم 17 مارس من عام 1981 ميلاديه اقتحم ثلاثة افراد مبتعثين من المخابرات السوريه شقة جارتها (الألمانيّة) وأجبروها على أن تحدثها في الهاتف وتخبرها أنها قادمه لزيارتها ، حين فتحت باب منزلها بمدينة آخن قتلها مطاردي زوجها بغتة بخمس طلقات رصاص في اماكن متنوعه من جسدها الذي سكنته روحها المسانده والمعينه لزوجها الداعية الجليل الأستاذ عصام العطار والمطارد سياسيا كونه كان المراقب العام الثاني لجماعة الاخوان المسلمين في سوريا في اعقاب استيلاء حزب البعث على السلطة بتاريخ 8 مارس 1963 ميلاديه حيث تم اضطهاده وكثيرا ما طرقوا داره وانتزعوه من بيته لوضعه في غياهب السجون وكانت تقف دوما متماسكه مستمدة من ايمانها بالله كل قوة تحتاجها ، شامخة امام التعسف والقمع ، راضيه بما اختاره شريك حياتها و مؤمنة به .

سكنت سطور ابيها

كانت قبل ساعة من موتها قد تحدثت على الهاتف مع ابيها الشيخ على الطنطاوي في السعوديه و الذي كتب عن ما حدث ذاكرا  ” …
لقد كلمتها قبل الحادث بساعة واحدة، قلت :أين عصام؟ قالت: خبروه بأن المجرمين يريدون اغتياله وأبعدوه عن البيت . قلت: وكيف تبقين وحدك؟ قالت: بابا لا تشغل بالك بي أنا بخير، ثق والله يا بابا أنني بخير ، إن الباب لا يفتح إلاّ إن فتحته أنا ، ولا أفتح إلاّ إن عرفت من الطارق وسمعت صوته، إن هنا تجهيزات كهربائية تضمن لي السلامة ، والمسلِّم هو الله.
ما خطر على بالها أن هذا الوحش، هذا الشيطان سيهدد جارتها بمسدسه حتى تكلمها هي، فتطمئن، فتفتح لها الباب.
ومرت الساعة… فقُرع جرس الهاتف… وسمعت من يقول: كلم وزارة الخارجية… قلت نعم.
فكلمني رجل أحسست أنه يتلعثم ويتردد، كأنه كلف بما تعجز عن الإدلاء به بلغاء الرجال، بأن يخبرني… كيف يخبرني؟؟؟ ثم قال: ما عندك أحد أكلمه؟ وكان عندي أخي. فكلمه، وسمع ما يقول ورأيته قد ارتاع مما سمع، وحار ماذا يقول لي، وأحسست أن المكالمة من ألمانيا، فسألته: هل أصاب عصاما شيء؟؟  قال : لا، ولكن…. قلت: ولكن ماذا؟؟ قال: بنان، قلت: مالها؟؟ قال… وبسط يديه بسط اليائس الذي لم يبق في يده شيء…
وفهمت وأحسست كأن سكيناً قد غرس في قلبي، ولكني تجلدت وقلت هادئاً هدوءا ظاهريا، والنار تضطرم في صدري: حدثني بالتفصيل بكل ما سمعت. فحدثني… وثقوا أني مهما أوتيت من طلاقة اللسان، ومن نفاذ البيان، لن أصف لكم ماذا فعل بي هذا الذي سمعت…
كنت أحسبني جلدا صبورا، أثبت للأحداث أو أواجه المصائب، فرأيت أني لست في شيء من الجلادة ولا من الصبر ولا من الثبات.   ” .

عن وحول الكتاب

قرأته اليوم واحببته ، عدد صفحاته 45 صفحة ، للراحلة  بنان علي الطنطاوي ، نشرته الدار الاسلاميه للاعلام ، و يتضمن صفحات ” كلمات صغيره ” مضاف اليها موضوعات قصيره ايضا مثل ” كيف تبتسمين و تتفائلين ؟ ” ، ” ليس لنا سواك يا الله ” ، ” الفزع الى الله ” ومن بعض ما ورد في سطوره :

” … لا يكفي ان تجد في الحياة الحب ، ولكنك تحتاج ان تجد مع المحبة الفهم ، وما اندر ان يجتمع الأمران ” .

” …   لقد مشيت طويلا وما ازال بعد على السفح ، فهل تراني ابلغ القمة او اقترب منها قبل الغروب ؟ ” .

” … قد يكون ما نخفيه أدل على حقيقتنا مما نبديه … ” .

لتحميل الكتاب وقرأته ( اضغط هنا ) ، بصيغة بي دي اف ، يفتح ببرنامج ادوبي ريدر او ماشابه .

على الهامش :

+ لقاء مصور مع زوج الراحلة  عصام العطار ( 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ) مع جزيل الشكر لـ  samisama83

+ لقاء مصور مع السيده هادية العطار ابنة الراحلة بنان ( 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ) مع جزيل الشكر لـ  samisama83

+ موضوع عن  الراحلة  ” هدى ”   حفيدة  بنان الطنطاوي وعصام العطار .

+ كتاب بعنوان ( قبسات ) من اعداد بنان علي الطنطاوي رحمها الله .

+ الموقع الرسمي لـ عصام العطار .

~ بواسطة يزيد في أكتوبر 20, 2009.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: