شفيقة و متولي ( 1 )
البداية حلم ..
كان المخرج سيد عيسى المحب لاجواء القرية والريف راغبا بتحويل الموال القصصي الشهير ” شفيقه و متولي ” الى شاشه السينما باسلوب جديد ، لذا قرر ان يحقق حلمه وتصدى لانتاج العمل بنفسه واخذ يعد له لمدة سبع سنوات بداية من عام 1970 ميلاديه .
انشأ استديو سينمائي خارج القاهرة ، بالتحديد في قرية ” بشلا ” القريبة من المنصورة ولضمان نجاح الفيلم تم اختيار الفنانة الراحلة سعاد حسني لدور شفيقه .
اما دور متولي فاتفق على اختيار ممثل شاب درس التمثيل وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحيه بتقدير ممتاز، وهو التقدير الذي حافظ عليه في كل سنوات دراسته السابقة .
هذا الشاب اشتهر بدور ” احمد الشاعر ” في مسرحية مدرسة المشاغبين حينها و لم يحفظ الناس اسمه الحقيقي ، لم يجذبه المسرح فالسينما كانت حلمه الذي كاد ان يتحطم ذات مره حين رفض موزع فيلم ” الكرنك ” بشكل قاطع ان يقوم ببطولة العمل ” ولد اسود قبيح ” واختار بديلا له نور الشريف .
كانت الكلمات قاسية ، جرحته ، اصابته بالاحباط كونه لم يختار لونه او شكله المختلف عن نجوم تلك الفترة ، ولأنه كائن صبور وفنان حساس وانسان مجتهد انتظر وظفر بهذا الترشيح الذي سعد به جدا كونها اول فرصه سينمائيه حقيقيه قد تساعده على تعريف اسم احمد زكي ولو لفئة قليلة من جمهور سعاد حسني الكبير .
بعد عدة اسابيع من بدء التصوير و التراكمات النفسية ، حدثت خلافات بين مخرج العمل وبطلة الفيلم نتيجة لاختلاف الرؤيا الفنية، وعدم التقاء وجهات النظر في امور عديدة .
من اشهرها اصراره على ان تكشف ساقها كاملا في احد مشاهد الاحتفال بالمولد امام بائع الخلاخيل وهي تجرب الخلخال وتقيسه .
في هذه المرة قابلت الامر بالرفض الصريح موضحة له ان شفيقة و وفق التسلسل الدرامي و فهمها للشخصيه لا تفعل ذلك و ان فعلته لن تكسب اي تعاطف من الجمهور او النقاد ، كونها ستظهر شخصية مستعده للانحراف ، لا تعرف الحياء ، تفعل ما ينتقده مجتمعها علنا ، لم تنحرف قصريا او تحت القهر والضغوط التي تحيطها ، وان الاقدار المتفرقه التي عبثت بها وبحياتها ستصبح في نهاية العمل عقاب تستحقه بناء على هذا السلوك المستهتر منذ البدايه .
بالاضافة الى ان هذا المشهد بالكامل ليس موجودا في السيناريو الذي قرأته و وافقت عليه ، هي لا تمانع ان تصوره ان كانت هذه رؤيته لكن بدون كشف الساق او اي عري يدين شفيقة و ينتصر للاسفاف والابتذال دون ان يخدم الدراما او الشخصية المرسومة ، ان ما يطلبه لا يضيف اي قيمة فنية او معنويه للفيلم بل ينتقص منه ومنها .
حين تضامن فريق العمل معها ادى ذلك الى توتر الاجواء خاصة بعد فشله في اقناعها ، ردد انه منتج الفيلم و المسؤول عنه بالكامل، اوضحت له ان هذا يسئ اليها والى تاريخها الفني وانها تعترض على اسلوبه في الاخراج .
كان الخلاف صخرة حطمت فكرة اي تعاون محتمل بينهما لاكمال الفيلم ، انسحبت من الاستديو وتوقف التصوير لوقت طويل .