شفيقه و متولي (2)

.. موقف نبيل

في احد احياء القاهرة ، وبالتحديد داخل مكتب المخرج والمنتج الراحل سيد عيسى ، جلس فتى لم يزل طالبا بكلية الاعلام ، يستمع للمخرج و يكتب بعض ما يقوله له حول سعاد حسني التي يرى انها تماطل في تنفيد هذا العمل الكبير .

يفتح النار ، يلقي كلماته العنيفه واحدة بعد الاخرى ، بينما تسرع انامل هذا الشاب الصحفي الذي يعمل تحت التمرين في مجلة روز اليوسف لتلحق وتدون كل ما تسمعه وتسجله بحماس وسعي جاد لاعداد موضوع مميز او خبر ساخن .

كان يدرك ان ما يحدث الان يشكل بالنسبة له فرصه صحفية مميزه لشاب في مقتبل حياته المهنية ، اتته على طبق من ذهب ويجب ان يقتنص هذه الفرصة بقدر استطاعته ليبرز نفسه .

في احد اركان المكتب جلس الممثل الاسمر يرقب ما يحدث بصمت وهدوء دون ادنى مشاركه او حديث .

نهض الفتى مودعا ليغادر المكتب ، فرحا بما كتبه ، ، سعيدا بهذا اللقاء ،  يتخيل ما سوف يحدث لاحقا بعد النشر ، كان يقفز درجات السلم ببهجة لم يقطعها سوى تلك الاقدام الهادئه التي تتبعه .

التفت فاذا به يرى الممثل الاسمر احمد زكي الذي استوقفه بأدب ليحدثه عن امر قد يكون غفل عنه ، هبط الدرج ليصبح بجواره وسار معه متحدثا ، شرح له عن كيفية معاناة الفنان المبتدئ وسعيه المرهق للحصول على بطوله ، وان هناك آخرون من زملائه ينتظرون هذا الدور الذي لم يأتي له بسهوله ، وانه ان كتب الموضوع كما هو وكما قيل لن يكتمل مشروع الفيلم بل سيتوقف ، ولن تعود سعاد حسني بل ستزيد الفجوة بينها وبين المخرج ، اما هو فسوف تضيع منه ثاني بطولة يرشح لها .

انطلقا باقدامهما من شارع الالفي الى عماد الدين مرورا بالشوارع المحيطه ، كان يستمع اليه ويلاحظ ان عدد اقل من القليل من الجمهور تعرف اليه لكن دون تذكر اسمه الحقيقي ، كانوا ينادونه باسم الشخصية التي اداها في مسرحية ” مدرسة المشاغبين ” .

في نهاية المطاف استطاع بهدوءه ان يقنع الصحفي بتخفيف حدية وسخونة الحوار بل ويحاول تهدئة الاطراف ايضا ، هذا الصحفي تعاطف معه ، فكر بنفسه وبهذا الجيل  المطحون والمهزوم بعد النكسة ، تخلى عن تحيزه  لاهدافه المهنية وطموحاته امام قضية شعر انها اهم ، كونها تمسه كما تمسهم وهي مستقبل هذا الجيل الذي قد تعبث به كلمات انفعاليه .

انتصرت المشاعرالنبيلة و تضامن الصحفي مع الفنان الجديد ، هذا الشاب الصحفي اسمه طارق الشناوي ، عمه الشاعر الراحل كامل الشناوي و يعد اليوم من اكثر النقاد السينمائين حرية في التعبير عن اراءه بصدق وموضوعيه .

~ بواسطة يزيد في أفريل 10, 2010.

4 تعليقات to “شفيقه و متولي (2)”

  1. قصة للذكرى والعبرة مميزة جدا
    من أين تأتي بهذه الذكريات أخي … بحق إن مدونتك مميزة جدا في هذا الجانب وبها لمسة إنسانية خاصة جدا أنا أشعر بها بشدة
    أتوقع منك دائما المزيد
    سلامي لك

  2. الفاضل عطا الله
    ان كنت شعرت بلمسة انسانية خاصة فذلك لما تطويه ذاتك من انسانية عاليه واحساس نبيل ، اما من اين تاتي هذه الذكريات فهي تسكنني وكاني بت مستودع لها .. اتمنى ان يكون في المزيد الذي تتوقعه ما يفيد ..غمر الله نفسك وصدرك وكل من حولك بالسلام على مر الاعوام

  3. الله يديمك للخير يارب … أتعلم .. مدونتك كانت من أوائل المدونات التي كنت أتابعها وانقطعت عنها لفترة ثم تذكرتها منذ أيام وخشيت أن تكون توقفت ولكن الحمد لله … هذا الماضي الجميل الذي تحويه مدونتك الكريمة يسكن بداخلي أنا أيضا مع أني لم أعاصره … النفيس يظل نفيسا مهما جرت عليه الأيام
    سلامي لك

  4. سلمك الله وامدك بالخير الذي تمنيته لي واكثر.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: