توسوس به نفسه .

تخيل ان هناك شركة ما ، عمرها الآف السنين ، رئيس مجلس الادارة بها يجتهد في ان يكون مقنع دون تنفير او ارغام ، حازم في الوصول الى اهدفه المنشوده ومصر عليها  .

وانت مهما كنت تدير قسم خاص بك ، وتشرف على كل صغيره وكبيره به ، وتملك كل الصلاحيات بشكل غير محدود تظل تعمل لمصلحته في بعض الاحيان اكثر مما تعمل لمصلحتك ، بل قد تلقي بذاتك في الهاوية وانت تتصور انك تحسن صنعا ! .

ما يميز ادارته انه لا يراقبك ليوقع بك عقوبه ما ، فالعقد المبرم لا يسمح له بذلك ، لكنه قد يراقبك في انتظار الفرص السانحة والاوقات المناسبه ليدخل اليك ويحدثك بعبارات قليله ومختصره لكنها تغير من طرق تفكيرك وتفتح لك مدارك جديده لا سيما وانه يشعرك بان الارباح قريبة جدا وكل ما عليك فعله هو النهوض للامساك بها وفق طريقة جديده لا تشبه طريقتك التي تمارسها وتجتهد في الحفاظ عليها  ، او ربما اوحى اليك بان بعض الانتظار وعدم الاستعجال قد يجعل الاشياء تاتيك طواعيه او ان لا يوجد سبب للسرعة فالموضوع هين وغدا لديك متسع من الوقت لتصل اليه  .

يخاطبك بالطريقة التي تبدو انها لصالحك ، يغير من سلوكك بشكل تدريجي ، فيصبح الجديد الذي تمارس بمرور الايام عاده ، لذا عند غيابه او ارتباطه لمدة شهر او شهرين  لن يتدهور العمل كونه زرع بذرته داخلك فبت ترويها حتى بغيابه وتؤمن بها ، كونها باتت طريقتك كما تتصور ، وبذرتك كما تعتقد ، و سلوكك الذي مهما تضجرت منه قد لا تبدله سريعا ، فالتخلي عنه مرتبط بالتخلي عن مباهج كثيره تحبها وبت متعلقا بها .

شركته رغم قدمها المبيعات بها في ازدياد مستمر كطلبات التوظيف لديه (!) ، وما يثير التعجب ان كلما تقدم الزمن بهذه الشركة باتت اقوى و الانتاجية افضل لفرط بساطة وعدم عمق الاجيال الجديده من المدراء وفرط انشغالهم بامورهم اليوميه الدنيويه كاهاليهم الذين انشغلوا بانفسهم وبما تعطيه لهم الشركه من وعود او مزايا مؤقته ، على حساب ابنائهم وقضاء وقت اضافي لغرس بذرة صالحة تكون شجرة ظليلة تحمي هؤلاء الصغار في الغد من شمس هذه الشركة الملتهبة ووهج ضوئها الذي يعمي بقوته العين او يضعف رؤيتها .

لذا تعد فترة غيابه فرصة ذهبية لمن رغب بالفرار من سطوته والنجاة بنفسه ، ويعد غيابه ايضا مرآة مخيفة نعرف بها حقيقتنا التي قد نغفل عنها ، يحدث هذا ان شاهدنا على سطحها الزجاجي  صورته لا صورتنا ، يغادر الشركة لكن يبقى حاضر في سلوكنا في تفكيرنا في تفسيرنا وظنوننا و رغباتنا دون ان يكون موجود حقا !

فان كنت تتسال كيف تسير الامور بغيابه  وكأنه لم يزل هنا ، انظر لمن يشبهه حولك ويتحلى بصفاته ، وفي احيان كثيره كن اكثر قسوة مع نفسك وراقب ذاتك ، فقد تكون انت من يسير هذه الامور و يسهل لها رغم اقوالك المخالفة لذلك !

كان هذا تفسيري المبسط لفكرة حضور الذنوب في غياب الشياطين في شهر رمضان كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في صحيح بخاري و مسلم ” اذا دخل شهر رمضان فتحت ابواب الجنة ، وغلقت ابواب جهنم ، وسلسلت الشياطين ” .

اذن هناك مكان آخر يفتح لك افضل ابوابه ، لتقترب بكل مافيك من سوء هو يعلمه وذنب هو يدركه وخير فطرك عليه و انت غافل عنه ، يعطيك الفرصة للنجاة بكرم ورحمه ومغفرة قد تشعرللاسف بانك لا تستحقها .

اكثر الاشياء قسوة في لحظات كهذه ان تستمر فيما تقوم به هروبا او ضعفا او اعتيادا او يأسا ، علما انها فرصة لا تتكرر الا مرة كل عام وخلال شهر واحد .

اكتب سطوري هذه وانا لا اختلف عن الآخرين ، اضع قدما موحلة في الشركة القديمه التي عرفت  وقدما اخرى متردده في طريق سوف يوصلني لما اتمناه لذاتي بكل صدق .

لكن هل الصدق وحده يكفي !؟

لا اعلم .. ولكن ادرك ان العزيمة والارادة اشياء قد تنقص هذه القدم المتردده وتنقص الكثيرين وربما انا اولهم .. لذا اتمنى من القوي المعين ان يعيننا على انفسنا ولا يكلنا عليها طرفة عين .

اضافه :

+  في عام 2007 ميلاديه  صدرت حملة بعنوان ” فتدبروه ” وكانت الشخصية الاساسية في العمل تدعى ” اباليسو” الذي تمضي الايام به هو و  اتباعه في سعي دئوب لوسوسة الناس باي طريقة كانت .

الحملة  تتكون من 19 اعلان تقريبا – ليس على نفس الجوده في الطرح او التنفيذ –  بعضها متقن وبعضها مباشر وغير عميق  لكنه رغب في ايصال فكرة ما ، ربما لم يوفق بالطريقة احيانا لكن يشفع له النية الطيبه .

وكون الاشياء  تتلاشى في عالمنا العربي ولا توثق ، وربما يعلوغبار النسيان بعضها ،  ، اعيد وضع اغلب  السلسلة هنا في جزئين فيديو كل جزء  به عشر اعلانات ترصد بمجملها وسوسة ابليس لنا والطرق المتعدده التي يتبع ، موضحة ان استجابتنا هي الفيصل  في هذا الصراع .

نرى ” اباليسو ” يصور لنا ما ليس له وجود ويزين لنا الخطيئة و كيف انه يجعل المحجبه تزدري حجابها او يدفعها لوضعه بشكل يتنافى مع جوهر فكرة الحجاب فتغدوا كمن يتصور انه يبلى بلاء حسن وهو عكس ذلك .

اليكم المشاهد وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال .

المقطع الاول :

المقطع الثاني :

على الهامش :

+  اعترض البعض على هذه الحملة حينها كونها تظهر ابليس بالشكل الذي قدمه لنا الاعلام الغربي والرسوم المتحركة .

+ موقع الحملة على اليوتوب ، مع جزيل الشكر لهم جميعا .

+ صحيفة دنيا الوطن وموضوع تتطرق به لهذه الحملة .

~ بواسطة يزيد في أوت 29, 2010.

2 تعليقان to “توسوس به نفسه .”

  1. جزاك الله ألف خير , تذكرت مواضع كثيرة ذكر الله سبحانه وتعالى بها النفس الأمارة بالسوء مثل : ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ) , (وما ابرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي ) , أشعر أن ما كتبته وقفة صادقة وهذا وقت جداً مناسب لإدراك الموضوع و التفاعل معه . الله يغفر لنا خطايانا و جهلنا واسرافنا في أمرنا وماهو أعلم به منا آمين .

  2. آمين ، انت وانا وجميع المسلمين .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: