من راقب الناس
” من راقب الناس مات هما ” ، اتفق مع هذه المقولة جدا ومؤمن بها ، واجدها تختصر الكثير ولا تقول اغلب ما يجب ان يقال !
فهذه المراقبة قد تورث ارتفاع ضغط الدم ، و تكون محفز اولي للخوض في احاديث جانبيه كثيره مهما تنكرت باسماء عديده كالثرثره ، البوح ، الفضفضه ، تبقى رديفة لكلمتي الغيبة والنميمه ، و قد تلتقي في مرحلة لاحقة مع قذف المحصنات او هتك اعراض الناس بلا دليل او اثبات .
ولكن كيف لانسان هذا العصر الصد عن مراقبة الناس ، و هم يحيطونه من كل صوب ، فتارة يكونون هم عناوين الاخبار في القنوات المحلية او الفضائيه ، او يكذبون علانية فوق اوراق الصحف و داخل اعمدتهم الاسبوعية ، و في مرة اخرى يظهرون انفسهم لك و لمن يعرفهم بشكل لا يتوائم مع حقيقتهم التي تعرف عبر صفحاتهم على النت و مدوناتهم او حتى عبر التويتر و من خلال سطر و نصف .
قد تجدهم يتقمصون شخصيات تمنوا ان يكونوها و يتعايشون مع هذا الامر و كانه حقيقه ، بل و بعض آخر منهم تجده يعاني من داء عصاب ، فرأيه في الظهيرة حول امر ما مختلف بشكل محوري عن رايه في المساء و ذلك بعد قضاء دقائق فيس بوكيه ساعدته اما لمعرفة المزيد وتبديل قناعته او اتباع من يتبعهم كقطيع يتصور انه يدرك الى اين متجه وهو في براري الضياع يرفل بنعمة الجهل رغم كثرة المعلومات والاسماء والارقام التي يعرفها ويرددها و يعتقد انها مربط الفرس وتضيف له و يجتهد في حفظها !
انهم يدفعونك طواعية الى تأملهم بشكل لا ارادي ، خاصة حين تجد ان الادوار باتت تتداخل و بشكل يدعو للحيرة ، فممثلة مغمورة اصبحت وجه سياسي جديد ، وفنان متمكن في مجاله وعملاق بات يتقزم مع كل تصريح سياسي جديد يدلي به ، و بعض الساسة على صفحات مجلة للصفوة يتحدثون عن عطورهم المفضلة و يستعرضون بدلاتهم مرددين اسماء ماركتها الشهيرة لمن يهتم بذلك .
مقبل .. عفوا ممثل لم يدع شفة نسائية مثلت معه دون تقبيل يغدو سفيرا للنوايا الحسنة و يرفض على اهل بيته ما يقبله على الآخرين ، و انسانة اخرى تقدم دليل برائتها وتنفي كافة الاشاعات في مجتمع يرفض ان يقبل براهينها و تكذيبها و يتمسك بما نشرته الصحف على لسانها زيفا و يساهم في نشره و يضيف عليه و هو مؤمن به دون اساس حقيقي سوى كراهيته لها بلا سبب واضح !
في عالم كهذا كيف لك ان تتوقف عن المراقبة .. و الاخبار تاتيك عبر رسالة هاتفيه او بريد الكتروني او حديث عابر مع غريب في غرفة انتظار بعيادة ما ، من اين تاتي القدرة على ايقاف هذا الشلال المسترسل والمضاف اليه تلك الدائرة الضيقه و هي العلاقات اليوميه و الناس الذين تعرف عن قرب و تعرف امزجتهم و تقلباتهم و فنونهم في تحوير الكلام و تدويره و فهمه بطريقة لا تتفق البتة مع ما قيل .
تستمر في المراقبة .. و تاخذك احصنة ” ثورة الاتصالات ” في ركابها فتضيع في صحارى شاسعه .. و تبتعد عما يحيطك .. حتى عن ذاتك و افكارك العميقه .. لتتعلق باشباح تطارد اسمائها .. و تغدو مع الوقت اقل عمقا واصالة .. و اكثر تشابه مع من كنت تنتقده و اقرب للسطحية .. سواء عبر مواضيعك التي تطرح .. او التي ترغب بمشاهدتها والاستماع لها .
وتصبح متلقي صرف .. فعوضا عن ان تبحث وتستكشف وتفتش وترفض وتقبل عن وعي و تفكير .. تنتظر الاشياء لتاتيك من تلقاء ذاتها .. سواء عبر رابط قصير في الانترنت .. او عبر تزكية من غريب او صديق .. فتغدو تابع وظل .. معتقدا في اعماقك انك بت تعرف اكثر لكثرة هذه الروابط ، متوهما انك مواكب لكل ما هو جديد .. و ثملا من فرط السعاده حين تسمع بانك انسان عصري !
وللانصاف واعطاء كل ذي حق حقه .. انت لم تعد سوى آلة تم برمجتها .. و وضعها في خط سير محدد … تحمل من البشرية شكلها لكن يتم و منذ زمن تجريدها من اقيم ما بها بل والعبث به .. الا وهو عقلك !
ليتم اعطائك تصور و مفاهيم جديده .. لكلمات انت كنت تعرف معانيها صحيح المعرفة .. مثل الحب .. والذكاء … و الحرية .. والمزيد من المصطلحات الواضحة لك و التي باتت تزيف ليراد بها باطل .. وكل هذا لاجل تشويهك و تشويشك والتحكم بك .. من قبل من !؟
من قبل اناس مثلك .. كان الاولى بك ان تراقبهم .. عوضا عن مراقبة ما وضعوه في دربك .. لتلتهي به .. وقبل ان تنتهي منه … يتم وضع شيئا آخر .. لتحيا دائما في حلقة محكمة من التكرار، لا تتبدل خطوطها الاساسية ، فمهما اتسعت المساحات وقطعت دول و قارات للهرب منها تظل قابعا بداخلها ، بقدم لا تبارح ارضها حتى وان فعلت !
ماذا بعد !؟ … لا ادري .. سوى اني اكتب لك هذه السطور من داخل الحلقة ذاتها … واعاني من بعض العلامات التي ذكرت ان لم يكن كلها … و احيا بقلب ينبض لكن لا يحس بالشكل المطلوب .. وبروح تسمو بقدر اقل من المفترض .. وبشهية من يرغب بالتخدير وهو واعيا لذلك !
ايها الغريب …
كل ما اتمناه حقا في هذه اللحظه … ان اكون اكثر قوة لاتمكن من مراقبة ذاتي بشكل فعلي .. وبعين لها بصيرة منصفة .. لا تقف معي فتزين كل ما اقوم به .. ولا لوامة فارهقها و ترهقني .
اتمنى ان اجمع شتات ذاتي التي بدأت تضيع مني .. وتذوب في اشياء لم تكن من طبيعتي في البداية .. وباتت جزء من عاداتي اليوميه .
راقبت الناس .. فضعت معهم .. وضعت بهم .. وضاعت ايامي دون ان تحسب لي .
فهل لي ان اراقب القادم من ايامي … اقولها وبكل صدق .. اتمنى ذلك .
اضافه :
الصورة اعلاه جزء من لوحة زيتيه للفنان سلفادور دالي بعنوان :
Spellbound
اعدت لتستخدم عام ١٩٤٥ ميلاديه في فيلم للمخرج الفريد هيتشكوك يحمل العنوان ذاته ، ، لمشاهدتها سينمائيا اضغط هنا.
مع جزيل الشكر لـ ruizdechavez’s
المراقبه أو المتابعه فعل حميد فقط عندما يكون الهدف زياده تعديل تحسين للمعلومه بشرط عدم تداولها على الألسن بالسوء و هذا شرط مختفى تماما مقابل صراخ و جوع الآنا لغالبية أو لكل الناس .
بمراهقتى كنت أحد الممارسين لإعادة نشر المعلومه أيا كانت – بحكم المجتمع و ثقافته – و القدر أظهر لى مدى سوء ما أرتكبته عندما لامستني بعض شرارات افعالى – هنا – وجدت حقيقتين لم اتعلمها من أحد أولها: للناس خصوصيه أحفظها تحفظك و تحفظ سمعتك و تطيبها و ثانيها: محيطي مستجهل و جاهل و متناقض المطالب لا أتوقع منه الخير .. دائما.
زادت المواقف بإزدياد البشر و بتطور التقنيه و الإستفاده من شرها أكثر من خيرها و فكريا بت اعانى اكثر من الأول حول ما اذا كل ما اقرأه و اسمعه حقيقي و واقعي وو .. اعتقد بأنها نفس الأسئله التى لديك بإختلاف نوعها و عددها و توقيتها و لكن اعتقد بإنها نفس ما جال فى بالى لأن حديثك هو نفس حديثي .
أذكر ب 1994 قرأت كتاب إعتماد خورشيد , به مقوله محفوره بعقلى كانت من جمال عبد الناصر لإعتماد حينما طلبت أو ألحت على عائلتها بدخولها عالم الفن: الوسط الفنى دا يا بنتى وسط وسخ.
علقت معى العباره حتى تعرفت على احد الفنانين ب 1998 و نشأت صداقه بيننا لأكتشف حقيقه مقولة جمال أمام عيني – ليس على مستوى الفرد نفسه و لكن على المستوى العام لحياة الفنان ( لا اتحدث هنا عن كاس و توابعه ) صحيح بأنهم بشر و لهم إحساسيس مرهفه و قلوب جميله ببعض الأوقات و اعمال خير اتمنى لهم الجنه بسببها و لكن كأفراد يستفاد منهم علميا أو أخلاقيا .. صعب جداً و الحياه معهم مستحيله وفق أخلاقيات مغايره لما هم عليه
صرت الآن أفرز أى معلومه مهما كانت , الشخصيه مثل فضيحة الفنانه و مقولة علان ليس لها أى قيمه – ليس كترفع أو غرور – و لكن لأنى أؤمن بأن النفس البشريه خطاءه و قد يكون هذا الفعل أوالمقوله وليده لحظه كانت بدون حذر اوقعت قائلها بخطأ هو لوحده من سوف يدفع ثمنه هنا و هناك.
و أما التجديد الديني و المذهبي و البدع الآخذه فالإنتشار فمردها إلى علامات الساعه , فمحمد صلى الله عليه و سلم لا ينطق عن الهوى و أغلب ما ذكره قد حصل و الحياه قائمه على السبب و المسبب و الثواب و العقاب بيد الله سبحانه فلست بحاجه لإتباع قطيع أو تطبيق كل ما يستجد و هو مخالف للمنطق لمجرد إتفاق رأي الغالبيه – لأنهم و فى بعض الأحيان – قد يتفقو على رأى مغاير لما هم متفقين عليه الآن .
كنفس بشريه ملكت المراقبه مازالت موجوده بروحي فدائما أحاول تطويعها بالبحث عن ما يفيدني بحياتى – بروحي – بتحسين فكرى من كتب و قصص و مواضيع تهتم بالجانب الروحي ( المدونه هنا مثلا ) , اتعلم كيف اصلح ما فسد من مقتنيات , كيف اتحاور مع الآخر و أتقبله كما هو .. أشياء كثيره جدا افرغ فيها شحنة ما يسمى شعبيا ب ” اللقافه ”
طبعا من شروط المتعه الفكريه هي تجاوز أى موقع أو صفحه أو افراد موضوعهم الصراع بأنواعه لأنى اكتشفت من خلال سنوات عمرى الماضيه بأن غالبيتنا لا يفهم أبجديات النقاش المؤدي للفائده و لا أتذكر اسم بعينه قد نجا من آفة الجدال و لذلك قررت السحب على الجميع .. فالله موجود ولا يحب الجدال و ماهو آت .. آت فلا اتعب عقلى بتفاهات تفسد على صحتي و عقلى و ووقتى ( هذه نصيحه للجميع )
أيامنا القادمه يزيد مثل ماضينا .. جميله و قبيحه , أعطيك نصيحه أدفع ثمنها مالا لو وجدت مالكها:
فكــر خــارج الصــنــدوق
أتمنى وصول ما بين السطور لفكرك .. و روحك
المعذره على رداءة السرد فأنا أتلقف الجمل عقليا مثل عملية الامساك بالفراشات
o7447o said this on ديسمبر 12, 2011 في 11:21 م |
ولكنها فراشات جميله .. صادقه .. تصل للقلب .. وتضيف .. وتحكي .. وتعبر .. وهذا يكفي !
🙂
يزيد said this on ديسمبر 13, 2011 في 4:40 ص |
i think i should have read this post, 10 years ago… to stay alive 🙂
Ladybird said this on جانفي 17, 2012 في 3:47 م |
كل شئ يصل في موعده .. والرسالة وان ضاعت ودارت قليلا تصل .. وان تصل متاخرا خير من ان لا تصل ابدا 🙂 ولله الحمد مضت عشرة اعوام ومازلت حيه وتتلقفينها بابتسامه وهذه اكبر نعمه 🙂 ويارب القادم من ايامك احلى .
يزيد said this on جانفي 17, 2012 في 5:01 م |
و إنت كمان 🙂
Ladybird said this on جانفي 17, 2012 في 6:59 م |