Misery 1964
في مساء يقف مابين الخريف و الشتاء به تغيب الشمس مبكرا والامطار تزاحم المارة في الشوارع و الارصفة دلفت الى تلك المكتبه التي تبيع الكتب القديمه و المستعمله بلا مظلة او هدف محدد .
كانت الموسيقى هادئه بالكاد تسمع و الدفء كان يتسرب من الجدران لتبدو و كأنها احضان قادره على احتواء كل مافي المكان من بشر و اشباح مؤلفين رحلوا و بقيت كتبهم و بعض صورهم المرسومه معلقة على الحائط ، تلتقي عيوننا بهم و بعناوين كتبهم العتيقه ذات الورق الاصفر و الشاحب المستعمل و الابيض الذي لا يشيخ ، رائحة قديمه هنا ليست غبار ولكنها توحي به ، الكتب لم تكتفي بالنوم فوق الرفوف لكثرتها تدثر بعضها الارض في انتظار يد غريب قادمه قد توقظه و تطالع اعماقه بعيون قد يملؤها الفضول او الملل ، نفوس قد تبحث بدئب عن شئ تريده او تضيع وقتها في التسكع بين هذه الخزانات الخشبيه المرتفعه والمتراصه بانتظام لا يخلو من فوضى فنيه تمنح الاجواء ابعادا تضفي للنفس شعور ما يجعلك تتخيل انك في استديو جهز بديكورات كلاسيكيه لكن الكومبارس المشارك و الباعة قد يرتدون في هذا الطقس البارد ملابس متباينه و عصريه تعطى لكل فرد يحيط بك خطوط عريضه لذوقه واختيارته الشخصيه .
تدافعت بين الناس الى ان وصلت الى آخر المكتبه حيث يوجد تجويف بيضاوي صغير وضعت به كتب الاطفال القديمه و بعض المجلات المصورة لشخصيات كرتونيه شهيره في ظهورها الاول ، هناك وعلى الارض وجدت هذا الكتاب الازرق ملقى باهمال فحملته لاعيده الى الرف وقبل ان افعل وجدتني اتصفحه ثم اقرأه وتملؤني رغبة بشرائه و لا اعلم ان كان لروعة به ام ان هناك تأثير ما حدث مع الموسيقى المحيطة بي دفعني لذلك .
عنوان الكتاب قد يعني بالعربية بؤس او شقاء او تعاسه و ربما بقواميس اخرى معاناة و عوز و الم او عذاب وشده ، لا اجد ترجمة دقيقه لكن الكتاب برسوماته وعباراته القصيره كان يعبر عن كل او بعض ذلك .
فكرته وصف التعاسه في حياة الطفل عبر مواقف قد يمر بها و لا يتوقف امامها الكبار كثيرا ، وعبر الصفحات قد يجد البالغ احد ذكريات طفولته الماضيه هناك ، صدمته في اصدقائه ، شح الظروف معه في بعض الاحيان ، ايذاء اقرب الناس له تحت شعار النظافه والترتيب والنظام ، تفاصيل عديده مرت بمخيلتي وذاكرتي حين طالعت صفحاته .
يقع في صفحات معدوده و طبع في عام ١٩٦٤ اي في الستينات الميلاديه ، وهو لدي منذ عدة سنوات و دوما كانت لدي رغبة في التحدث او الكتابه عنه ، شعرت هذه الايام برغبة ملحة الى اعادة نشره على شكل فيديو مصور ليكون ملهما لروح حساسه قد تستشف منه بدايات جديده لاعمال جميله ومشابهة .
هذه المكتبة التي دخلت في بوسطن ذات مساء اغلقت ابوابها نتيجة للازمات الاقتصاديه التي تحيط بالكرة الارضيه ، وهذا الكتاب اضعه اليوم هنا ليبقى ان رحلت او رحلت مكتبتي او ضاع منها .
اضيفه مع مقطوعه موسيقيه فرنسيه بعنوان ” نزوات دي ماري ” للفنان جورج ديليري ، اتمنى ان ينال كل من الكتاب واللحن على رضاكم و استحسانكم و مطالعه سعيده .
what a misery !!! =’B
Zainah said this on فيفري 6, 2012 في 8:19 ص |
مواقف محزنة، و أخرى جعلتني أبتسم، شخصياً تذكرت قصر قامتي في الإبتدائية مع فتيات طويلات!
لك كل التقدير على هذا الجهد الجميل لإخراج الكتاب في هذا الفيديو بشكل أنيق.
المرسم الصغير said this on فيفري 6, 2012 في 8:46 ص |
زينه 🙂
المرسم الصغير
بالفعل بعضها مؤثر للغايه واذكره كانه حدث البارحه !
اسعدني انه حاز على اعجابك .. واسعدني اكثر انك عبرت عن ذلك .
يزيد said this on فيفري 7, 2012 في 3:54 ص |
تملك ذوق راقي في اختيار الكلمات , الكتب والموسيقى .
nada said this on فيفري 8, 2012 في 12:34 ص |
شكرا ندى .
يزيد said this on فيفري 8, 2012 في 1:49 ص |
اعجبتني خطوطه الواضحه ورسوماته البسيطه وجمله المباشره والتي عاده تكون محببه و قريبه من الطفل .. اتذكرانني اشتريت الجزء لثاني more misery (اصدر عام ٦٥)قبل الاول …. في مدينه لوس انجليس عام ٩٨ ..امام احد المنازل بسطت طاولات لبيع الاشياء المستعمله ..كنت اهوى التوقف عندها وشراء الكتب المستعمله والاسطوانات القديمه لندره بعضها ورخص ثمنها ..كان سعر الكتاب اقل من دولارين بحاله جيده وكان طبعه اولى..اما الكتاب الثاني اشتريته عام ٢٠٠١ من متجر للكتب المستعمله في مدينه لندن .. اعجبتني الموسيقى …حزينه بشقاوه ..تترك لنا حربه التفاعل مع مشاعرنا وذكرياتنا ..دون فرض شعور بعينه ..احسنت الاختيار..
ريم said this on فيفري 9, 2012 في 1:19 ص |
شكرا ريم .. و الجزء الثاني في الطريق الي 🙂 قمت بشراءه .
يزيد said this on فيفري 9, 2012 في 1:40 ص |
ايضا اتفهم احساسك اتجاه هذا المقطوعه الموسيقيه كونه السبب الذي جذبني لها فهي تقف ما بين الوقار والكلاسيكيه والنغمات الطفوليه بشكل ما .
يزيد said this on فيفري 9, 2012 في 3:31 ص |
حقيقة لآ آدري ما آقول
هل هو الوصف , آم اللحن , آم محتوى الكتاب البائس 😦
آخذتني معك لتلك المكتبة وتنشقت رآئحة الكتب العتيقة المترااصة !
وآشكرك فعلاً على آضافة معلومات عن المعزوفة المصاحبة للمقطع ,
شكراً جزيلاً عزيزتي .. على كل ما يُنشر في صفحاتك من عبق الزمن الجميل
شكراً على الذكريات والمشآعر التي آثرتها بدآخلي
3>
<< رددت عليك نفس ردي الذي وضعته في اليوتيوب
وآعتبريني من الآن وصاعداً متابعة مستمرة لكل جديدك هنا 🙂
Cheery said this on فيفري 9, 2012 في 9:01 م |
اهلا بك دائما .. 🙂
يزيد said this on فيفري 9, 2012 في 10:37 م |
آخي يزيد
عذراً لآزعاجك مرة آخرى
ولكن هل تتفضل بآعطائي آسم المقطوعة باللغة الأنجليزية آو الفرنسية !!
آو حتى آسم الآلبوم آذا آمكن :$
وآكون لك شآكرة
Cheery said this on فيفري 12, 2012 في 12:39 ص |
لا يوجد اي ازعاج 🙂
اسم المقطوعه
Les Caprices De Marie -Gabriel Et Marie
اسم الفنان
Georges Delerue
اسم الالبوم
Le Cinéma De Philippe De Broca – Musiques De Georges Delerue 1969-1988
شريته من امازون
http://www.amazon.com/Cinema-1969-88-Georges-Delerue/dp/B0000AQJPH/ref=sr_1_13?s=music&ie=UTF8&qid=1328997678&sr=1-13
يزيد said this on فيفري 12, 2012 في 1:03 ص |
http://m.youtube.com/#/watch?desktop_uri=%2Fwatch%3Fv%3Dg_W44h_NyiE%26feature%3Dshare&feature=share&v=g_W44h_NyiE&gl=
مقاطع للمسيقار والمؤلف السوري مالك الجندلي تستحق ان يُستمع لها .وخصوصا سُليمه ..
ريم said this on مارس 13, 2012 في 8:53 م |
ريم said this on مارس 13, 2012 في 9:02 م |
ليل اكثر من رائعه …
ريم said this on مارس 13, 2012 في 9:10 م |
شكرا ريم .. اشاهدها الان هذا الصباح مع القهوة .. السفر .. والوجه الذي احب .. امي !
يزيد said this on مارس 14, 2012 في 10:54 ص |