حوار مستقطع

سأله في لحظة ملل .. وقال :

–        الم تفكر في العيش خارج الوطن بشكل دائم ؟

–        لا اطيق ذلك .

–        هل تحب الرياض تحديدا ام السعوديه ككل ؟

–        احب صوت الآذان اينما كان .

–        في الخارج يوجد مساجد .

–        لكن لا توجد شعائر تتبع الصوت المنادي فالمحلات لا تغلق ابوابها ، والناس لا يتوقفون لدقائق معدوده لاجل تجديد طاقتهم الروحيه ، فقط يتحركون بعجالة بل وقد يصلون فروض كثيره جمعا بسبب التاخير او ضغط العمل وللاسف هذا بدأ يحدث هنا .. ومع ذلك احب هذا المناخ الملئ بممنوعات كثيرة قد تحميني حتى من نفسي .

–        اهاااا .

–        احب الستر الذي يريح الاعين ، احب ملهيات الحياة حين تكون اقل ، احب الفتنة اقل .

–        الله يستر علينا في الدنيا و الآخره ، هل تشعر انك ممكن ان تضعف امام المغريات ؟

لم ينتبه له واكمل مسترسلا :

–         احب صمت بيتي ، هدوء غرفتي ، احب الاحساس باللحظه في السعوديه كو ..

–        الاحساس باللحظة موجود في كل مكان !

–        .. نه مختلف عن اللحظة المسرعة خارج حدودها ، احب عجائزنا وبركتهم ، احب الشراشف فوق الرأس اثناء الدوران بالبيت .

–        جميل .

–        احب قربي من مكه و المدينة ، احب تاريخ هذه الارض ، هاجر وابنها اسماعيل ، مدائن صالح ، بدو رحل تحملوا الكثير ، فطرة يحاول البعض ان يبدلها بيده ، قنوات تلفزيونيه الى الان لها ضوابط تميزها حتى وان ضاق الناس بها ، ماذا اقول وماذا اترك !!؟

–        امممم .. كلام معبر  .

–        وكانك تسالني عن نفسي .. عن ذاتي وما احب بها !

التفت السائل نحو المجيب فوجد غلالة من الدمع تتراقص في مقلتيه وهو يرقب اللاشئ و تتمنع اهدابه ، بعد صمت عاد المجيب قائلا : ” اني جدا حزين ” .

–        اوافقك على كل ما قلته .. تصورك عن الوطن صادق وشفاف .

–        انه ليس تصور بالنسبة لي ، انه حقيقة معاشة .. وللدقة حياة اعيشها .

–        جميل جدا ، البساطة جميله … اليوم بعد مرور عمر طويل على لقائي بك اكتشف ان تصوراتك كانت الأصح .. معك اكتشفت رعونتي و عيوبي .

–        اعتذر ان كنت مرآة سيئة .. لكن من المؤكد اننا لا نختار في الغالب من نكون ، كل شئ يأتي  بحساب وبقدر معلوم ، بدء من الرحم الذي نسكن به الى الارض التي نولد بها … و مبارك من احب ما لديه ولم يعش حياته لاجل ان يشبه الآخر .

–        لقد كنت مرآة مصقولة .. لكن ربما لم اتوقف لمشاهدة وجهي جيدا .

–        واليوم ؟

–        اليوم … لا اعلم ان كنت اضعت وجهي الذي اعرف .. ام ان القناع الذي البس التصق بي حتى كدت اصدق انه وجهي .. كان لدي طموحات تحطمت و احلام تكسرت .. هذا هو الواقع .. اليس ذلك ؟

–        بقي حلم واحد بالامكان تحقيقه .

–        ما هو ؟

–        ان تشد الرحال وتسافر الى اصدق مافي اعماقك .. كي تجد بعض نفسك .. في لحظة كهذه ستتوالد الاحلام كافة من جديد … لكن حاول ان تصل .. والى ان تفعل استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه .

~ بواسطة يزيد في ماي 8, 2012.

14 تعليق to “حوار مستقطع”

  1. جميييل جداً ()*

  2. هذا حوار بين نمطين : قانع و جائع بدأ بنهاية الثمانينات و أنتهى بالألفيه , صادق و شفاف , يعكس ثقافه فئه أختفت لأسباب كثيره صعب حصرها , من تبقى منها الآن يربطهم سلوك واحد: الصــمــت ولا ادرى .. اهى خلاصه القوة أو الحكمة أو الضعف.

    تدوينتك تعيد تفكير الفرد للمربع الأول: من الصح جيلنا أم جيلهم ؟

  3. أحببت أن هذا الحوار المستقطع سلط الضوء وبشكل مكثف على الكثير مما بين أيدينا واعتدنا عليه لدرجة أننا لم ندرك قيمته و جمالياته , في هذا الحوار ومض ملفت و تنبيه مؤثر , رائع .

  4. كلماتكم اضافت .. شكرا لكم 🙂

  5. الحوار أضاف لقناعاتي، قناعات أخرى قوية. عساك عالقوة دائماً =)

  6. بي فضول لمعرفة القناعات المضافة .. ان لم يكن في ذلك تطفل !

    تنويه :
    بالامكان تجاهل السطور اعلاه بكل اريحيه .. وعدم الرد .. فحرية الصمت مكفوله 🙂 .

  7. في كل مرة تعرض فيهَا أفكارك و قيمك تغمرنيّ المفاجأةْ .. و أخجلُ من نفسي كثيرًا يا أستاذ يزيد .

  8. جيو .. تفاعل احاسيسك مع ما اكتب .. افضل اطراء يجده اي انسان يسطر شيئا لامس وجدانه ورغب ان يلمس الناس .. شكرا لك للافصاح .

  9. والله هل الايام الواحد منا صار زي الجهاز قاعدين نركض واليوم ماصار في بركة حتي مافي وقت لنفسك الله لا يلهينا بالدنيا ويجعل همنا الآخرة بس حبيت و ضحكت على الشراشف تذكرت أمي وخالاتي ههه الله يحفظهم مقال جميل جداً

  10. الله يبارك لك ويبارك في اعمارنا جميعا ويكفينا شر انفسنا ويجعل حاضرنا والجاي افضل من ماضينا دائما ويحفظك ولا تتصوري قد ايش مرورك وسطورك تسعدني .

  11. هذا حواري مع أخي قبل أيام، كنت عدت وقتها للتو عدت من أبو ظبي، شدني تطابق التفاصيل.

  12. الحوار ككل ، ام فقرات محدده ! 🙂

  13. حقيقة، الحوار ككل، قال أنه يفكر في أنه لن يعيش هنا، وقلت “وحاولت أن أقول” ما قاله الطرف الآخر في الحوار، لكن الحوار أعلاه بليغ أكثر من مرة.

  14. 🙂

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: