حوار مستقطع ( 2 ).

التفت صوبه قائلا :

–        اشتراك الانترنت لدي انتهى .

–        ……..

–        ما هي الشركة التي تتعامل معها ؟

–        الاتصالات .

–        هل تشجع القطاع الحكومي ام انها صدفة؟

–        للامانه ، لم اختار .

–        لو كان الامر بيدك ماذا ستختار ؟

–        احيانا اشكر الله ان بعض الخيارات ليست بيدي .

–        لا تثق باختياراتك !

–        اكره الحيرة التي تسبقها و اخاف من الندم الذي يتبعها .

–        من مزايا الانسان انه يفكر .. ثم يختار .

–        واحيانا يندفع ثم يفكر ، وتراه في الاغلب يحاول ايجاد مبررات لما قام به وتفسير لما حدث يرضيه اكثر من كونه تفكير .

–        ممكن … لكن البعض لديه ميزة ايضا وهي مواجهة الذات ، يعترف بانه السبب ، ويتعلم من اخطائه .

–        هل هو حقا يتعلم منها ام  يخاف من تكرارها ؟

–        الخوف نعمة احيانا .

–        ومع هذا تجده احيانا لا يردع الشخص ، بل ان البعض لا  يخاف الا بعد حدوث الامر .

–        ممكن ، لكن الحياة مغامرة وان لم تكن كذلك فهي لا شئ ، من يخاف كثيرا لا يعيش الحياة .

–        …….

–        للمغامرة لذة ، كالمخدرات تماما .. هناك اناس تخافها ولا تقترب منها و آخرون يغامرون بتجربتها ، انا من النوع المغامر واحيانا لا افكر بالتبعات ، لكن ما يؤلمني دائما الى حد كبير اذا ادت مغامرتي هذه الى ضرر شخص آخر ليس له ذنب .

–        ………

–        هل زرت مكتبي سابقا ؟ انه في الدور العاشر و يطل على مسجد جميل لا اصلي به ، احيانا اشعر بتأنيب الضمير كوني استخدم اتصال الانترنت في العمل في اشياء تخدش الحياء العام .

–        ………

–         احيانا لا اصدق ان الرياض بها شخص مثلك .

–        لماذا ؟

–        روح جميله ، بسيطه ، مليئة بالانكسارات و الهزائم ، ولم تزل تكتب وترسم وتغني ، تعشق وطنك ، اصدقائك ، واشياء كثيره رغم خيانتها لك .

–        هي لم تخني ، هي اشياء اما مارست انسانيتها اوكانت نفسها فحسب !

–        تحليل عميق جدا .

–        هل بت مؤخرا تعطي كلماتي ابعادا لم اعنيها وثقل لم اضعه !؟

–        لا لكن اصبحت اسمعك بوعي اكبر .

–        اذن السر ليس بالكلمات بل بوعيك .

–        كلام سليم  و ان لم تخني الذاكرة فهي نفس كلماتك التي رددت قبل عشر سنوات ، لكن لم افهمها جيدا .

–        هل تصدق ان قلت لا اذكر .

–        انا اتذكر بعض ارائك في ذلك الزمن ، واكتشفت انها كانت تحمل وعيا عميقا ، ربما وقتها كنت مؤدلج وهذا ليس عيب .

–        مؤدلج !؟ ما معنى مؤدلج !؟

–        اي كنت اعتنق بعض الافكار الضيقة التي كانت تحد من مدى رؤيتي وانظر للكون من خلالها فقط .

–        …..

–        اتذكر رأي يقول ” من لم يكن شيوعيا في بداية شبابه فلا قلب له ، ومن لم يتركها بعد شبابه فلا عقل له ” .

–        ……

– اذكر ذات مرة كنا معا في السيارة ، كنت تسمع مقطوعة موسيقية بعنوان ” الحديقة السريه ” بينما قلبي كان معلق بخطابات ” بن لادن ” الثوريه .

–        الغريب ان هناك مسافة كبيره بين سلوكك وبين ما كنت معجب به وتعتنقه !

–         كنت معجب بالثورة و التحرر و الفكر اليساري ، لم اعجب في يوم من الايام بالتشدد الديني ، اعجبني في بن لادن الثورة ونصرة الضعفاء فقط ، ليست اللحية و لا العمامة ، الغريق يتعلق بقشة في بحر متلاطم الامواج ، ونحن اليوم نتعلق بقشة ” البو عزيزي ” وميدان التحرير وتراودني فكرة ان اكفر بالاوطان واؤمن بالانسان وحده فقط .

–        والايمان بالله ؟

–        الله خالق الانسان .

–        وماذا ايضا ؟

–        اذكر ان تركى الحمد كفروه حين ذكر ” كم انت مسكين يا الله ” ، الا تتفق معي بان هناك فئة كبيره تحارب وتسرق وتخدع وتقتل وتاكل اموال اليتامى باسم الله !؟

–        اشعر انك لم تتخلص من اضطرابك القديم بعد .

–        اي اضطراب !؟

–        الذي يصيب اي انسان عاري يحاول ان يتغطى بثياب ليست له عوضا عن ان يحيك ثوبه او يبتاعه بعرق جبينه ، اضطراب من لا يود ان يرهق ذاته واكتفى بما يقدم له احيانا .

–        يعني لم ازل تابع !؟

–        كلنا تابع ومتبوع ، لكن من المهم ان نجتهد في معرفة من نتبع والى اين و بنفس القدر الذي نسعى به الى عدم خذل من يتبعنا دون دعوة منا في بعض الاحيان ، بل محض صدفة او قدر .

–        لا اعتقد ان احد يتبعني !

–        الملائكة التي تسجل اعمالك ، عين الله التي لا تغفل وتراك ، ضميرك الذي تخذله كثيرا ، ذاتك التي تحاول ان تحققها ، ظلك في النهارات الطويلة وفي اضواء الليل الباهته كل هؤلاء دائما معك .

–        الم اقل لك كلامك عميق جدا .

–        ربما كان وعيك لا اكثر ، وعيك الذي يشعر بالفكرة و بالكلمة والذي تلغيه احيانا فلا تشعر بكل ما يحيطك ولا تراه .

–        انت محق ، الغيه فتضيع من حياتي مئات الفرص والخيارات الجميلة واعيش في دائرة ضيقه .

–  وعيك قد يجعل من هذه الدائرة الضيقة عالم متكامل ، متسع ، به تقاوم شرورك الدائمة الاستنفار كثور هائج ، تخرج خيرك القابل للتدفق كشلال ان عرفت منابعه ، هذه الدائرة قد تكون حياة نابضة تغنيك عما سواها .

–        ان عبارة ” ساجدد حياتي ” قد تكون اكثر عبارة كتبتها في المسودات والاوراق بل وفي هاتفي الجوال منذ فترة .

–        ………

–        لكن كلامك صحيح فما الحياة سوى الانسان وسوى نظرته لهذه الحياة ، هل تصدق منذ وقت وانا استمع للحن الحديقة السرية و بشكل شبه دائم ؟

–        وما الداعي ؟

–        كنت ابحث في الانترنت فوجدتها صدفة واحتفظت بالملف ، ايضا اشتريت مكتبة جديده وحين كانت زوجتي ترتبها وجدت الكتاب الذي اشتريته لي وتلك الرسمة التي رسمت مع الاهداء .

–        اي كتاب !؟

–        الكراديب لتركي الحمد ، ورسمت لي في صفحته الاولى صورة فتاة تبكي وبيت .

–        رسمة !؟

–        اهديتني ثلاثة كتب له ، لقد كانت ممنوعه من الدخول في ذلك الوقت الآن باتت موجوده .

–         بي رغبة لرؤية رسمتي  .. وبي دهشة .. كيف ننسى اعمالنا و كأننا لم نقم بها .. هل تعلم بأني لم اقرأها الى الآن .

–        وما السبب !؟

–        شئ بداخلي لا اعرفه ، يجعلني اصد كلما شاهدته على الرف ويدفعني لأخذ سواه ، شئ قريب من النفور ، ربما كان اكثر ربما كان اقل  .

–        شعور غريب . ربما بسبب الاراء المخالفة التي وجهت ضد الكتاب .

–        المخالفة ام المختلفه !؟

–        المختلفه .

–        لم اصلى العصر حتى الآن و انت ؟

–        نفس الوضع .

–        ……

–        …..

~ بواسطة يزيد في ماي 10, 2012.

10 تعليقات to “حوار مستقطع ( 2 ).”

  1. حوار امثر من رائع وكله حكم وقيم وحقيقه في الحياة والاجمل الرقي في الحوار والتعبير

  2. حوار فلسفى عميق , لايقل عن كاتبه , به من الرسائل الشخصيه و المخفيه الكثير , تذكرت فجأه هذا بالرغم من عدم وجود علاقه مباشره:

    ” نرتقى لنلتقى ” .. لا اعلم لمذا تذكرتها فجأه الآن , رائع يزيد

  3. [B]
    [SIZE=”4″][COLOR=”Black”][FONT=”Simplified Arabic “][INDENT]

    ممكن نشوف الرسمة اللي رسمتهَا في الكتاب وإلا مُشْ ممكن ؟

    [/INDENT][/FONT][/COLOR][/SIZE][/B]

  4. عفاف
    .. شكرا لمرورك وسطورك .

    074470
    اتفهم تماما حين ترتبط الاشياء برؤسنا وان لم يتضح ذلك لسوانا 🙂 اسعدني انك احببت ما كتبت .

    جيو

    لا يوجد ادنى مانع .. لكن الرابط لا يعمل .

  5. عفوًا يزيد , أنو رابط ؟ ما فهمت عليك :$

  6. جيو .. تبع الرسمة اللي رسمتها في الكتاب .. لان فوق السطر المكتوب وتحته حروف لكن لم توصلني لشئ .. 🙂

  7. عادي 🙂

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: