لا أنت أنت .. و لا أنا .. أنا

11jan2013

” المجنونة اسمها .. زهرة عباد الشمس ” لمنى غزال ، أول ديوان شعر أشتريته و عمري تسع سنين من مكتبة النهضة  ، كان معه كاسيت ، ضاع الشريط وبقي الديوان .
لذا تولد لدي شعور مبكر بعدم الثقة في التكنولوجيا كثيرا .. كونها قد تخذلنا !
جميل أني احتفظت به حتى الآن ، والأجمل أن أمي اشترته لي دون  أن  تردد عبارات مثل ” .. لا يصلح لك .. تضيع للمال ” ، فقط سألتني ” ستقرأه ؟ ” .
أجبت مستعطفا ” معه شريط  .. ”  ، أي بعبارة أخرى كأني اقول لها  إن لم اقرأه فسوف أسمعه ،  لتقول لي  ” حسنا .. هيا ” ، فالاشياء كانت متجمعة لدى المحاسب امام الصندوق في زاوية المحل الأمامية و المطلة على الطريق الذي تعبره السيارات بشكل متقطع و دون زحام  .
سبب ذهابنا هو الاستعداد للعام الدراسي الجديد ، كنا هناك بعد صلاة المغرب ، خرجنا مع آذان العشاء من المكتبة ذات البوابتين ، الجانبية على الشارع الفرعي و الرئيسية على الطريق العام ، لم يكن طريق الملك فهد موجوداً ، و كان يوجد جسر يوصل ثلاثين الضباب بثلاثين التخصصي .
المكتبة كانت في زاوية هناك ، مرتفعة بعض الشئ ، ذات واجهات ثلاث أرباعها زجاجيه ، والربع الأخير السفلي من الألمنيوم ، كنا نقفز انا و اختي درجاتها قفزاً  عند الدخول متأججين بالحماس .
ونخرج بهدوء و أيادينا تتحرك داخل الأكياس البلاستيكيه بعيون تتأمل ما بداخلها أكثر مما تراقب الدرج الذي ننزله ، للتأكد من عدم نقصان أي شئ اخترناه ، سعداء بأشيائنا .
أذكر طريق العودة ، و رائحة عباءة أمي ، و وجه أختي ، و السيارة ، و لا أذكر عن ذاتي سوى كفوفي و أكمامي ، مع الثوب بدأت أتعود أن يختفي ساعدي ، وأن يكون لثيابي لون واحد اغلب العام ، كما أذكر الأبيات الأولى التي قرأت و تخيلتها تماما ..
” .. لا أنت أنت ..
و لا  أنا .. أنا ..
أنا أهرب النبيذ ..
و أنت تهرب الخبز إلى القراصنة .. ”
كنت للمرة الأولى أدقق  و أسمع كلمة نبيذ ، سألت أمي ، لم تقل أنه خمر بل اختصرت و اكتفت بقولها عصير عنب .. ثم أردفت بعد صمت قصير و بصوت هادئ ” عنب تالف … مضر .. بإمكانه أن يسبب المرض ” ثم سكتت ..
لا أدري لم بت أشعر اليوم أن بداية الأبيات السابقة أصبحت تناسب أمي و أختي و تناسبني كذلك ..  وقد تناسب أصدقاء مضوا .. و زمن تغيّر .. و وجوه اختفت مع الغياب .. قد أراها و لا أعرفها .. فلا أنت أنت .. و لا أنا أنا !

المزيد عن النسخة :
طبعة اولى عام 1983 ميلاديه صادرة عن مطبوعات تهامة ، جده ، المملكة العربية السعودية .

~ بواسطة يزيد في جانفي 11, 2013.

2 تعليقان to “لا أنت أنت .. و لا أنا .. أنا”

  1. أقسم لك بأن المشهد الذى وصفته قد عشته أنا و بنفس الفترة .. بالضبط ب 1984 , .. بفارق أن كتابي عباره عن سلسة قصص للأطفال من القطع المتوسط بإطار أحمر و صورة للشخصيات بالوسط , يحتوى على حكايات نصيه من تراث الشعوب ” بالضبط .. مشابه لمسلسل حكايات عالمية ” , بالوجه الأول من الشريط السرد بالصوت الذكوري و بالوجه الثاني الصوت الأنثوي و كلاهما يسردان القصه برتم رائع و عربية متقنه و بدرجه صوت مختاره بعناية فائقه تستجلب التركيز و بدون ملل .

    ههههه .. أدخلت الكتاب من ضمن المشتروات على منطقة التجميع بآخر لحظة كخطه تأمينية بأن لا ترد أمي فرحتي كون غالبية المشتروات أصلا لي إستعدادا للعام الدراسي الجديد , أشترت القصه و عبارات التقريع المبكر معها .. و بنفس عبارات التحذير و التهديد الكلاسيكيه (ت) .

    شريطك ضاع …. شريطي تمت سرقته

    ذكرياتك مع أمك بطريق العودة هي نفس ذكرياتى .. مازلت أتذكر فرحتى بتواجدي ب ” الليموزين ” و ظهوره المدوي بالرياض حتى جده .. و الشوارع الفارغه من بعد صلاة العشاء الا من سياره هنا أو هناك و مرورنا من جوار مركز بن حمران أكبر مبنى بحي سكني بتلك الفترة و إنبهارى التام من نظافته و أناقته بكل مره أشاهده فيها.

    آخر شريط أتذكره من هذا النوع كان ب 1990 مع مجلة ” باسم ” , مغلفين بنايلون خفيف يمنع ضياع الشريط و يسمح للمشتري من قراءة الغلاف و الخلفية للمجله.

    .. آه
    لا أنت أنت .. و لا أنا .. أنا

  2. الحمدلله .. اننا كنا .. وكان كل هذا 🙂

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: