أصفر و قصير ..
كن يجلسن في المكتب معا ، الأولى ممتلئة و تتصفح مجلة قديمة معها ، و الثانية تنظر للنافذة و الساعة المعلقة على الحائط تنتظر نهاية الدوام ، قطعت الأولى الصمت وهي تطالع صورة منشورة للأديبه غادة السمان في العدد الذي بين يديها بسؤال :
– هل تمتلكين باروكة * ؟
– لا !
– هل الباروكة الشقراء القصيرة حلم مكبوت لدى البعض ؟ رغبة غير متحققة !
– …..
– ….
– بالنسبة لي لا اتصور ذلك ، في بعض الأوقات قد أتخيل شعري قصير كالصورة تماما ، لكن لم أتخيل أن يكون لونه هكذا في أي مرة .
– فيفي عبدة .. و غادة السمان .. خلفيات ثقافية مختلفة .. لكن يملكون نفس الحلم و نفس مظهر الشعر الرخيص .. و هذا محزن جدا .
– ربما كانوا يحبون هيئتهم بهذه الصورة .. و يشعرون بالراحة بها .
– اشعر انهم ايضا يملكون الثقة ذاتها و القناعة التي تدفعهم للظهور به في الصورة و الوقوف امام العدسة باقتناع صادق و نشرها ايضا ..
– ممكن ..
– ليس ممكن بل أكيد .. لكن الا يوجد حولهم أحد صادق !؟ ناصح ؟
– حقا ، لا أعرف .
– هل لك أن تتخيلي الدافع النفسي لكل منهما و ما عناصر الجذب في هذا المظهر !؟
– محتمل أن يكون دافع بسيط .. لأجل الاستحمام في وقت أقل .. و الخروج في وقت اسرع .. أو لكي تقوم بتمشيط شعرها بسرعة أكبر ..
– لكن هذه بواريك .. شعر مستعار !!
– حقا !؟
– نعم .. صدقيني لو شعر خفيف .. ثعلبة .. لم أعترض .. لكن اختيار باروكة بهذا الشكل و امتلاكها و الظهور بها امر مريب .
– .. ربما كان كذلك
– هل من الممكن أن يكونوا أحبوا رجل و هجرهم مع فتاة شقراء شعرها قصير !؟
– لا أتصور هذا .. ستكون سخيفة لو فكرت بهذا الشكل !
– ومن منا في لحظات عابرة لا يكون سخفيا أو متأثرا أو منبهرا ! ؟
– …
– هل ممكن أن يكون عبر في حياتهم سيدة اعجبوا بها و تحمل هذه المواصفات ؟
– هذه ممكن .. مثل الذين يحبون اودري * لدرجة كبيرة فيعرضون حواجبهم مثلها ..
– و لكن في النهاية هل يشبهونها !؟
– بالطبع لا !
– لماذا مهم لدى البعض أن يمتلك ولو جزء صغير يشبه شخص معجب به أو يجذبه نمط معيشته أو يحبه .. التأثر .. التقليد .. التماهي .. مهم أن يتوقف في المنطقة التي لا نعود بها نشبه انفسنا أو نبدو أقل جمالا و أكثر غرائبية و بشاعة ..
– كلامك صحيح جدا ..
– انا اتأثر كثيرا لكن أخاف أن أقلد .. كونه يبدو ملموسا .. و الناس ليسوا باغبياء .. لديهم احساس و يعرفون الفرق بين الاصل و التقليد .. حتى لو لم يفصحوا وخانهم التعبير أو اللغة ..
– …..
– المدهش دائما وجود شئ ما يوازن شئ آخر .. ابداع غادة السمان الأدبي يشفع لها .. بساطة فيفي عبده وتحديها واقعها ولو بأساليب لا تتفق مع مبادئي و استمرار هذا التحدي يدفعك للتعاطف معها حتى لو كان العقل و وفق المنطق غير مقتنع !
– …
– مملة أنا !؟
– لا !! … انتظر أن تكملي كلامك …
– الكلام ليس له نهاية .. أم انكِ شاردة تفكرين بباروكة صفراء ؟
– لا لا .. لا احب الألوان في شعري .. قد أحبها على الاخرين احيانا لكن لا أشعر انها تناسبني .. ليست لي .
– أنا .. هل يناسبني الشعر القصير الأصفر !؟
– لا اعرف .. أنتِ تحبين أن يكون شعرك قصير و أصفر !؟
– انا ضاع العمر بي .. دون أن أعرف حقا ما الذي احبه …
– لم يضيع .. وأنتِ تحبين أشياء كثيرة .. وأشياء كثيرة بالتأكيد تحبك ..
– من ضمن ما أحب الحوار معك .. غير مزعج .. أو حاد ..
” الحمدلله ” .. قالتها وهي تنهض مبتسمة ثم اردفت ” لقد .. انتهى الدوام ! ” .
توضيح :
* الباروكة : الشعر المستعار .
* اودري المقصود بها الممثلة الامريكيه اودري هيبورن .