هيلو كيتي و أنا ..
مضت خطواتي بي صوب المكتبة لأنها المكان الأقرب من السكن الذي أقطن به حاليا ، لم أذهب للقراءة بل لشرب كوب من القهوة و قبل أن أجلس سرت بين الممرات اتأمل أغلفة الكتب التي كانت تشبه الثمار الملونه ، متفاوتة الحجم ، متعددة الأنواع ، مختلفة الفوائد ، علقت فوق رفوف داكنة ممتده كأغصان الشجر .
سحبت كتاب زين بصورة وجه أعرفه ، وجه يحمل في خطوطه ذكريات و سنوات من عمري ، إنها القطة ” هيلو كيتي ” ، صديقة الطفولة التي أكملت الأربعين مثلي في هذا العام ، كُتبت عبارة ” مرحبا بالأربعين ” و رسم تحتها وجهها الطفولي المبتسم كما هو ، يحمل عينين تختفي و لأ أعلم إن كان خجلاً من العبارة أم إستهتاراً بها !
فالأعوام التي كنا نظن أنها تبدل الأشياء أكتشفنا أن هناك أشياء لا تبدلها مثل إحساسنا بذاتنا ، ادراكنا لطبيعة صورتنا المزدوجه ، فهناك وجه نعرفه و آخر أرهقه التشتت في عيون الناس ، تمر السنوات و نحن نتأمل بصمت تلك الهوة التي تزداد اتساعا و تفصل بين ما نراه حقا و بين ما يراه الآخرون فينا ، فنحن نعرف حقائق كثيره عن أنفسنا قد يجهلها الآخرين ، نراها وحدنا منعكسة داخل مرآة تجربتنا ، نشعر بها ، تؤثر بنا ، تحرك مشاعرنا و تعبث بأحاسيسنا و قد تمنحنا انطباعات سيئه أو غير حقيقيه عن ذاتنا أو عن العالم الذي يحيطنا، قصص من الماضي قد تفعل كل هذا بنا و أكثر ، تربكنا في حاضرنا ، ترهبنا من مستقبلنا ، تقلب موازيننا و مفاهيمنا ، قد تقتلنا ببطئ و تجهض أحلامنا بعنف ، و تفعل كل هذا دون أن يراها أحد !
جلست أتصفح الكتاب ، بين الصفحات المرسومة لمحت هذه الصورة ، دون شعور مني شاهدت نفسي بها ، أحيانا لا أستطيع الكلام و كأن في فمي ماء ، أهتمامي بالتفاصيل قد يزيد في أكثر الأوقات حرجا و اضطرابا، فيغدو من المهم جداً أن لا تبتل ” الفيونكه ” – شريط الشعر – لا لكونها غالية الثمن بل لكونها رافقتني عمر و أشعر بأنتماء عميق لها !
أمارس الهروب بأقتدار و تلقائيه .. الغرق قد يكون مصير محتمل فهناك فيضان يعم المكان ، لكن كل ما أفعله هو النظر فحسب ، أتأمل الطائر الذي أمامي ، أركز عيناي به عوضا عن الأنشغال بما قد يداهمني ، أهرب عبر هذا الكائن الحي مما أنا فيه !
هذا الشعور الذي داهمني و أنا اطالع الصورة لم يأتي لظرف طارئ ألم بي أو لوضع أستجد، بل هو أحساس عام أشعر به منذ عمر و لخصته هذه الصورة بشكل أو بآخر !
قلبت المزيد من الصفحات و توقفت أمام هذه الصورة و الهلع الذي بها ، فكم تقف الكائنات الحية أمام المرض حائرة .. تتحرك جزعه و تظل عاجزة !
ربما لكونه مجهول أو لكونها لا تعرف كيف تتعامل معه و أن منحها الأطباء ألف طريقة و ألف دواء بعضه قد يضاعف بأعراضه الجانبيه الداء و يزيده !
إن مساحة الأستسلام هنا أكبر من مساحة الأجتهاد ، و مساحة العلم محدوده جدا أمام معرفة رب العالمين و علمه ، قد نلجأ لأساليب متبعه و معروفة بحثا عن حقيقة ما ، رقم يبشرنا و نركن إليه في تشخصينا أو أي مؤشر آخر ، نعض على ميزان الحرارة و نكبل أيدينا بجهاز لقياس ضغط الدم ، نمارس المازوشيه طواعية و نحن نمد أذرعتنا و شرايننا لكل هذه الأبر و المغذيات ، نصادق مصاصي الدماء و نحن راضين بالألم مقبلين على التعب لأجل سلامة نأملها و نجاة نرجوها !
نتعب .. و لا يتعب المرض ، هو النشط الذي له في حياة جميع الكائنات سطور قد تكتب و ذكريات قد تحكي و حكايات لا تنتهي ، بعضها تم طويه و بعضها لم يزل يكتب في الغيب ، و التجربه تحكي و تؤكد أن كل ما حدث و يحدث .. سيمضي .. تماما كما يمضي المعافى و المريض على حد سواء .
و المحزن في طبيعتنا أننا لا نشعر بقيمة الأشياء إلا حين نبدأ بفقدانها .. و حين تبدأ بالذبول أمام أعياننا .. فلا نشعر بأهمية من نحب إلا عند الأقتراب من حد النهاية .. و لا نفتقد مرحلة سابقة الا حين نبدأ بتوديعها و نحن نعبر لمحطة جديده !
هنا شعرت بأن القطة الصغيرة كبرت ، ركبت قطار العمر و ها هي تشاهد وجه الحياة المخيف ، المتغير ، و البعيد عن كل ما عرفته أيام الطفولة أو شعرت به .
القضبان تأخذها إلى محطات اخرى ، و الطرقات تمنحها تجارب جديده ، تضيف لها ، و تسلبها شئ لتضيف أشياء .
البعض في هذا التبادل الفطري و الطبيعي بينه و بين الحياة يغمض عينيه خوفا ، ليحيا حياته و هو جاعلاً من لحظات عمره ذرات صغيرة في ساعة رملية ذات فوهة ضيقه ، نراها من خلف الزجاج مجتمعه و متراكمه و قلقة تحركها الأيادي ، تتحرك و تمضي دون أن تعاش حقا، فلا هي ذات مرة تذوقت طعم المطر أو أنبتت شيئا أو خلفت أثر .
بعض آخر قد يفتح عيناه الى أقصاها هلعا و هو يظن بأنه سيرى الأشياء على حقيقتها ، متناسيا أن عين الخوف تضخم و عين الدهشة حتما لا تعرف الانصاف ، وحده الحكيم من ينظر لها بعيون تكحلت بالثبات لكي تفهم و هي ترقب ما يحدث بروح تمتص ما يحيطها حتى تمتلئ و تغتني داخليا لا كي تبكي ضعفا و تعصر كما الأسفنج دون أن تستفيد من التجربة و تجعل منها رصيدا يحسب لها لا عليها .
في هذه الصورة شعرت أن جميع أحداث حياتي قد أختزنت سلفا في صندوق حمل رقم سنة ميلادي !
كل شئ تمت كتابته لي و تم غزله بعناية الهيه ، و كل ما كان يتوجب علي فعله أن أخذ كل ما به بتأني وتفكر و مسئوليه ، فأن أتت ريح تجنبت عبثها ، و أن مرت بي ليالي ممطره أدركت أن بعدها ستأتي ليالي مشمسه بها سوف تجف خيوط الأحداث و تمضي مفسحة المكان لنهار جديد .
إن كل الأحداث في حياتي ماهي إلا شئ عابر ، و المهم دائما ما ينتهي به الحدث ، فأهم ما يحدد مساره غالبا هو ردات فعلي اتجاهه و نضج تعاملي مع الموقف بشكل مجرد، لا وفق تراكمات سابقة و قصص ماضيه قد تجعلني أبدو مذعورا خائفا أو مضطربا فأمضي الى الهاويه و أنا أتصور بأني أهرب منها !
لأتذكر دائما بأن هناك مسافة بين ما أتمناه و ما أتخيله و ما أتهيبه و بين ما هو كائن فعلا و ماثل أمامي و موجود ، فكم سبغت على الحاضر عباءة أحلامي و زرعت خيبات نفسي بيدي ، فحتى الحلم يحتاج الى بذرة صدق كي يتحول الى واقع ينمو و يعاش .
هذا الصندوق ممتلئ بالأحداث لكنه أيضا ملئ بالقيم ، قيم تشبه ” فيونكه ” ، أتتوج بها و تزين هامتي لتصبح جزء من ملامحي و بعض تكويني ، من خلالها أرى ذاتي أفضل في المرآة كل صباح ، و وفق هذا الأنطباع الأيجابي البسيط و هذا الأحساس يكون ادائي خلال اليوم ، و دائما كلما كان ما أتزين به ظاهر و واضح و لا يعيبني ، كلما كانت حركتي أكثر خفة و أرتياح و يغمرني آمان قد أفقده كلما تدنيت أو تنازلت عن قيمة عشت أحملها طوال عمر كامل و ألقيتها في لحظة و أرخصتها لأجل عيون عاشت ترقبني إعجابا و بمجرد أن فعلت ما رغبت أو جاريتها تبدلت نظرتها لي و لم تعد تراني كما كانت تراني ، حتى أنا قد أتجنب بعدها النظر لذاتي و أتحاشى الوقوف أمامها و مواجهتها أمام المرآة ذات صباح !.
أربعين عاماً مضت على ” هيلو كتي ” في هذه الحياة ، بها تعلمت أشياء و ربما علمت سواها دون أن تدري ، أخطأت ، ندمت ، و أشعلت في ظلمة أحزانها شمعة ، أنتابها المرض و أصاب سواها ، فقدت أناس تحبهم ، لكنها لم تزل تعيش و تتنفس و تحفر خطواتها في كل خطوة تمشيها ، موقنة بأننا قادرين على أن نتصالح مع الواقع في أوقات كثيره خاصة حين ندرك أننا لا نستطيع تغيره ، و بأنها في كل صباح تحياه قد كتب لها و قدر أن تعانق بداية جديدة تحمل ألف أحتمال ممكن ، و ألف فرصه قد تحلق حولها كما الفراشات المختفية خلف الأوراق الخضراء أو بين الزهور ، و كل ما تحتاجه فعلا كي تشعر بوجودها أن تسكن بهدوء مع ذاتها لا أن تصمت فحسب ، فالأهم هو أيقاف ذلك الحديث الداخلي السلبي و الذي لا ينتهي أو يتوقف ليلاً أو نهار !
السفر ألتهم من عمرها أيام و شهور ، لو تجمعت لكانت سنوات موازيه لبعثة دراسة بالخارج !
في هذا الرحيل ذابت و ذاب بداخلها الكثير ، حاولت التكيف مع كافة المواسم و الطقوس التي قابلتها ، و رحلة التكيف كانت تبدأ من شكلها الخارجي و تنتهي بالأعماق ، و هي تعملت أن تغطي أعماقها و أرائها و بعض عيوبها و أنفعالتها ، كما يغطي الجسد بالثياب الثقيلة في فصل الشتاء .
الأنتقال المستمر كان مصير ، به تفارق كل ما تحب إلى ما لا تحب أو ترغب ، لم يكن أنتقالا جسديا فحسب بل هو مضي إلى ظروف مغايرة و مواكبة أحداث طارئه و عبور بوابات السفر عبر مناخات مختلفه بها تنمو مهاراتها دون قرار أو أختيار .
تركب مقعد السفر صامته كأي حقيبة تحملها ، تحلق بعيدا و هي ترقب الأحداث من بعد و دون أن تحسب الزمن المحسوب عليها ، تبقى دائما على مرمى مسافة تمنحها صورة قد تبدو أشمل لكن لا يملؤها الوضوح ، و هي تحاول بين غموض الأمور و أتضاحها أن تكون أكثر حياديه و صدق و أيجابيه .
كانت وفق طبيعتها و في الأوقات العصيبة تحديدا تتحدث كثيرا ، آملة أن تخفف على الآخرين و تبدل من رؤيتهم لمسار الأحداث ، تحكي و هي ترغب بأن يخف وقع الأشياء عليهم و رغم كل هذه الثرثرة كانت فعليا صامته فهي لا تحكي خوفها و لا تظهره تبتلع ذعرها مع لعابها قبل كل كلمة و تتدفق بالحديث و السكوت !
في الأغتراب تعلمت أن علاقات القرابة الأسرية لا تخلق بالضرورة أنسان قريب منا ، و عرفت أنه ليس بالضرورة أن يكون الصديق دوما أنسان غريب عنا ، فالعبرة ليست بخيوط القرابة و متانتها بل بنوعية هؤلاء الناس في حياتنا و مدى أنسانيتهم و أحساسهم بالحياة و بالآخرين و بنا ، هو شئ أختبرته مع الوقت و كانت تقيسه بأحساسها فحسب !
الرحيل قد يدفعنا للتزلج و للكتابه و القراءة و التصوير و ممارسه أشياء كثيره قد لا نمارسها في حياتنا اليوميه الرتيبه ، لكن المؤثر حين يأتي وقت نفقد به القدرة على ممارسة ما نحب ، القطة التي تحب القلم منذ طفولتها و تهوى الحرف يغمرها صمت عميق و تعجز عن التعبير ، أيمانها بالكلمة يتلاشى ، و تشعر أن كل شئ يتساوى مع أي شئ ، فلا تعود قادرة على التمييز بين مكعب الثلج و شعلة النار ، ففي لحظات كهذه تبدو الأشياء في عينيها مجرد أشياء ، تفقد أحساسها بعناصر الطبيعة و شعورها المتفاوت يثبت في الأغلب على انفعال واحد ، يغمرها شعور عميق بالوحدة و الضيق و التشتت ، تتداخل الاشياء فلا تعود تكتب أو تنفس فقط تتنفس ، هواء يخرج و يدخل ، و أيام تمضي فحسب .
هذه اللحظات بالتأكيد تخيفها لكنها لا تملك أمامها شئ سوى التسكع في الطرقات محترفة الصمت و الأنتظار !
في أوقات كهذه وحين تتسكع تشعر بأنها كائن غريب قادم من الفضاء ، و ربما شعرت أن الكون الذي تعرف تبدل ، و بات العالم في عينيها عالم آخر ، تملؤه الزينه و يضج بالفرحة لكنه مجوف ، لا حرارة به أو هواء نقي تتنفسه ، عندها تحمي حواسها بخوذة زجاجيه من الصمت ، حتى و إن تكلمت فهي لا تحكي ما تشعر به ، و أن شاهدت ما شاهدت لا تتأثر فعليا ، و مهما سمعت لا يصل شئ مما يقال لقلبها ، الحِكم التي تردد بصوت رتيب خالي من الحكمة و المواعظ التي تزهر بغتة في الطريق كورود بلاستيكيه تحمل شكل النصيحه و لونها لا تؤثر بها ، كونها لا تحمل أهم ما في جوهرها ، و هو الحرص الحقيقي المخضب بالعاطفة الصادقة و الرغبة في المنح لاثراء رصيد الانسانيه و الحفاظ عليه بعيدا عن التظاهر و جذب الأضواء و لفت النظر .
في هذه الأيام هي تنام ، لكنه نوم لا يشبه نوم الطفولة ، يزاحم رأسها فوق الوساده بعض القلق و الحذر ، هي الراقدة بعين أنهكها التعب و اخرى تقاوم السبات ، ترقب كل نافذة و كل ظل عابر ، في مساء الصمت و فوق السرير الذي ظلت تحلم به طوال اليوم !
تبقى في كل ليله نصف مستيقظة و نصف نائمه ، يؤرق وحدتها الليليه الكثير من علامات الأستفهام ، و أسئلة حول المجهول و ضيق من بعض الماضي .
تحتار أي الخيارات هو الأفضل و تنتابها مخاوف شتى ، تفكر بأحداث ربما لن يحملها المستقبل ، لكنها تتخيل حدوثها فتنفعل و تتفاعل في ليالي تمضي بها ثقيله و طويله و دون أن يشعر بها أنسان أو يكترث لذلك .
متناسيه أن الآخرين ربما كانوا في الجوار يرتجفون تحت مفارشهم مثلها ، تسهر و هي تنتظر أن ينهكها التعب فتنام أو يأتي وقت أستيقاظها فتنهض بجسد متكسر و تهرب واهنه ليوم رغم رتابته لا يخلو من جديد ، لكنها تعيشه دون استرخاء أو راحة و تنهيه دون نوم ، لا تجدد طاقتها حقا و لا يتحسن مزاجها فعلا و لا يتبدل مع الأيام هذا النمط من النوم !
هي تدرك أن الأستقرار لن يأتي مع ختم العودة الذي سينام في جواز السفر و لن تنام مثله راكنه هادئه صامته ، فكثيرا ما كانت عودتها أستعداد لرحيل قادم ، به تفتح حقيبتها فمها و تلتهم ثيابها و تحملها لأغتراب جديد ، سفر به أشياء حلوه لكنها فقدت حاسة التذوق !
هي متشوقة لأستقرار حقيقي ، به تنام ثيابها في الأدراج و الدواليب على الأقل لمدة عام ، زمن به تحتسي قهوتها الصباحيه من الكوب ذاته لمدة شهور مسترسله و في المكان ذاته ، بها حنين لأيام لا تعرف الفراق و الوداع و عدم الثبات ، أيام بها لا يمضي الوقت ضجرا منها و هي ضجرة منه .
تتأمل بوجهها الذي أعرف جواز سفرها الملقى على الطاولة أمامها و حقائبها التي تحيطها و ماضيها ، و حين أتامل “هيلوكتي ” بعد كل هذه السنوات أجدها محاطه بالناس لكن ليس لها زوج أو شخص مقرب ، ليس لها بيت مستقل بها أو أبناء ، مضي بها قطار العمر سريعا فلم يتح لها الوقت لكل ذلك ، و حتى أن أتى بالشخص المناسب فمن أين تأتي هي بالوقت الذي تقضيه معه ، هي المسروقة دائما حتى من ذاتها !
و إن أتى وقت و وجدت به الوقت من أين تأتي بالشهية للأستمتاع بعلاقة خاصة حميمه هي الغارقة منذ عمر مبكر في عالم الناس ، فعاشت تجاربهم و لمست مشاكلهم و شربت كأس همومهم و تفاعلت معهم بطبيعتها الحساسه للحد الذي عزفت به و نفرت و لم تعد قادره على تحمل جراح جديده أو خلق جراح للآخرين .
من منا يعرف أحزان ” هيلوكتي ” أو جراحها ؟
و من منا يعنيه حقا أن يبحث أو يهتم أو يستطيع !؟
فهي أتقنت لعبة الأختفاء في ذروة وجودها بين الناس ، و أحترفت التلاشي و ذابت في الآخرين حتى نسيت ذاتها أو لتنساها !
تتأمل الختم مرة أخرى أمامي و تقول ” .. وجود هذا الختم لا يعني الوصول حقا و لا يعني النهاية .. فالحياة رحلة طويلة .. و الأستقرار أحيانا قد يعني نهاية ما .. فالطبيعة متحركة و غير ثابته حتى و إن بدت عكس ذلك .. قد نرى الجبال الثابتة في أماكنها شئ ثابت .. لكنها فعليا متحركه و متغيره طالما أنها تفقد من بنائها كل يوم شئ جديد حتى و أن كان حجر صغير يسقط من أعلى قممها التي قد تكون ملاذ لنسر وحيد .. هي تودع شئ و تستقبل شئ و تبدو لنا شئ آخر .. هي ماضي للحجر و موطن للنسر و خطر لمن يهاب المرتفعات و تحدي لمن يحب تسلقها و هي مشهد جمالي لمن يرغب بأن يصورها أو يرسمها .. و هكذا الحياة في عيون كل منا .. فرغم الفوضى التي بها لا تخلو من جمال يستحق التأمل و عمر يجب أن يعاش ” .
تنهي عبارتها ثم تعدل من وضع ” فيونكتها ” فوق رأسها و للدقه تتحسسها لتتأكد من وجودها بيدها الصغيرة ثم تسير و هي حاملة أعوامها الأربعين في طرقات لا تعرف ما الذي سوف تأتي به و لكنها تعرف جيدا بأنه يجب عليها المسير .
نهضت من مكاني مثلها و سرت بالدرب المعاكس و انا أتلفت صوبها و أراها تبتعد رغم قربها .. حتى غدت لي من بُعد شئ صغير .. و يشبهني تماما !
من اجمل ما قرات معبرة و صادقة و لمست اشياء في داخلي
Rana said this on أكتوبر 16, 2014 في 10:40 ص |
شكرا لك و لاحساسك .
يزيد said this on نوفمبر 1, 2014 في 5:51 ص |
أكملت الاربعين ولكن ما زلت تحتفظ بطفولة روحك! هذه الجملة كانت كماء بارد! أحب القراءة في مدونتك.
desert maniac said this on أكتوبر 16, 2014 في 1:09 م |
شكرا لك جزيل الشكر
يزيد said this on نوفمبر 1, 2014 في 5:51 ص |