الأشياء الثانوية و الأساسية

20SEP2015F

في صباح الأمس تلقيت هذه الكاميرا هدية من أختي التي تصغرني مباشرة ، و تكبرني في أشياء كثيرة .
في البدء أخبرني عنها صديق عبر رسالة نصية أرسلها منذ شهرين ، بها وضع هذا الرابط و ألحقه كاتباً ” أتذكرك تود أقتناء كاميرا تُقرب القمر ” !
تأثرت لا لأن ذاكرته قوية أو أحساسه نبيل ، بل لأنه لم يزل يتذكر جملة عابرة نطقتها منذ أكثر من عشر سنين .
منذ ذلك الحين بدأت البحث عنها ، لأجد المصادر التي  توفرها لم تعد تملكها بسبب ” نفاذ البيع “.
انشغلت بسفر قادم و الأستعداد له ، و هناك أعدت البحث و للدقة بت أرقب عربة التسوق في الموقع الألكتروني حيث وضعتها لأطلبها عند توفرها .
في هذه الرحلة فكرت أختي بشراء كاميرا ، أخبرتها عما حدث معي متمنياً أن تكون فرصتها أفضل مني ، كنا في المتجر معاً و بعد انتهاء الحديث فتحت لها الرابط لتشاهدها ، عندها سألت البائع فهز رأسه مبدياً عدم مرورها عليه ثم بحث عنها و لم يجدها ، لم يكن يعرف عنها شيئا و لم يسمع بها – هو الذي يمضي يومه بين الأجهزة و العدسات – مما جعلني أبتسم متخيلاً وجه صديقي و هو يبحث في المواقع و يتصفح و يتابع كعادته ليعرف أحياناً ما قد لا يعرفه الآخرون .
أنتهى يومنا و لم نجدها ، و أنتهت أيامنا في هذا البلد و بدأنا الأستعداد لرحيل آخر ، اثناء ذلك أخبرتني أختي بأن الكاميرا سوف تنتظرنا هناك عند الوصول ، قطعنا المحيط و حين و صلنا لم نجد شيئا سوى رسالة في ” بريدها الألكتروني ” تخبرها بأعادة المبلغ موضحة أن الكمية نافذة و لم يتبقى لديهم شئ .
انتهى الموضوع يومها عند هذا الحد ، و حين جلسنا أخبرتها بأني لم اعد أصور كالسابق ، و في مرة اخرى أوضحت لها بأن هناك الكثير الذي لدينا و قد لا نستخدمه ، شارحاً بأن الأنسان يتغير و كذلك التكنولوجيا ، و أن ما نرغبه اليوم قد نسلاه غدا ً ، ثم أردفت في حديث صامت مع نفسي بأني مندهش مؤخراً من أعتمادي على الهاتف الذي بت أراه ” عدة أشياء في شئ واحد ” ، بت أناقض بعض ما كنت أردده سابقاً و لم أعد اشعر بأن ما قلته يحدث فرقاً أو ذا أهمية ،  كنت أردد ” تظل الكاميرا كاميرا و الهاتف هاتف و الكمبيوتر كمبيوتر ” و كلمات عديدة حين أفكر بها اليوم أجد بأن حماسي المفرط اثناء النقاش حينها لا داعي له ،  و أن تشبثي بأقناع الآخر قضية منتهية ، ففي النهاية هي وسائل عديدة و لينتقي كل منا ما يناسبه دون تنظير و حديث كثير .
احاديثي الداخلية في الفترة الأخيرة متشعبة و مستمره ، تأخذ من تركيزي اثناء سماع الآخر ، لأغرق في حوار قد لا يكون بأهمية حواره ، لكني ببساطة بت غير مهتم و مع هذا أهتم و أتوتر و أنفعل و لأسباب حيناً و بلا أسباب أحيانا ، لذا بت أطيل في النوم و حين استقر الوضع قليلا فكرت بالعودة للمشي صباحا و بدأت منذ ثلاثة أيام .
البارحة و اثناء عودتي من مشي الصباحي استقبلني موظف البناية ، سألني إن كنت أحد الأشخاص الذين يقطنون الشقة المكتوب رقمها على الكرتون الذي يحمله بين يديه ، هززت رأسي مخفياً ابتسامة و انا اقرأ اسم اختي و داخلي ” يقين ” أن هذا الصندوق المغلق ما هو إلا كاميرا لي و اخرى لها .
صدق ما توقعت و سعدت ، لكنها سعادة تتجاوز النقطة التي كنت أنطلق منها سابقا ، تتجاوز الشئ و تأتي مما يحيطه ، أستلمتها و كنت أدرك بأني لن أستعملها بالشكل الذي يستحق ، لكني كنت راضياً و محباً لها.
في ما مضى كنت أسعد بالشئ نفسه و أراه هو الأساسي ، أفرح بما سوف تقبض عليه يداي و يكون لي ، لكن هذه المرة فرحت بكل ما هو ثانوي و محيط بالأمر ، بدء من رسالة صديقي عنها ،  إلى بحث أختي و أستمرارها و أصرارها ، إلى وصولها بفضل الله أمامي على الطاولة بلا تعب أو تعني ، فما بين كل هذه التفاصيل كان يُنسج الكثير ، و يُكتب ، و ينمو ، مشاعر تتحرك ، أرواح تتهادى ، و أقدار تُقدر لنا في الغيب و نذهب لها طواعية أو تأتي لنا .

~ بواسطة يزيد في سبتمبر 20, 2015.

2 تعليقان to “الأشياء الثانوية و الأساسية”

  1. استغربت سعرها رخيص!؟
    معقولة 🤔

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: