درب الفراشات

في ممر “بلاستيكي” أخذ شكل “يرقه” لم تظهر أجنحتها بعد سرت…
درب جدرانه نفخت بالهواء ، تماما مثل ” قلعة ” كنت أقفز بداخلها في عمر صغير..
كنت أتخيلها “شئ “و في آخر النهار تتهاوى و ترتخي حين تُفرغ من الهواء !
من الخارج تصورت أن الأمر مجرد أمتار اخرى أقطعها ثم أمضي لسواها، مكملاً سيري في حديقة حيوانات “ريجنت بارك” البريطانيه .
لكن ما أدهشني اني أمضيت في هذه الأمتار المحدودة وقت أطول !
بمجرد دخولي أستقبلتني ثلاث فراشات حلقت من كل اتجاه، تراقصوا أمام عيني لثواني ثم مضوا، بألوان زرقاء ساطعة و عميقة ، مشعة و داكنه.
كأنها سَلبت من عمق المحيطات أكثر الدرجات اللونية جمالاً ليمتد على ظهرها كمعطف شُغل بعناية، و بطنت داخله من الجهة الاخرى بدرجات اخرى من لون التربة و الجبال الصخرية، فوق جناحها جمعت سماء و أرض ، و في العين دهشة ، و في الروح تسبيح لقدرة الله في خلقه .
الفراشات الاخرى أتت واحدة بعد الاخرى ، تقف تارة في اليمين و اخرى في اليسار ، لتشعر بأن هذا الممر تحول إلى ” عرض ازياء ” مذهل ، و تدرك عندها من أين يسرق المصممين ألوانهم و يستلهمونها ، و بأن هذا الممر حقاً يتجاوز كل ما هو مصطنع و مفتعل و صاخب و قد تطالعه في قناة ” فاشن ” تي في .
فلا موسيقى صاخبة هنا فقط صوت الطبيعة ، و لا أضواء كشافة فقط رطوبة تحيط المكان لتكون مناسبة لهذه الكائنات التي كانت تتكاثر و يتحول بعضها من شرنقة لفراشه في نفس المكان ، لبعضها أجنحة تشبه قماش ” الشيفون ” الشفاف ، و لبعض آخر اجنحة كبيرة كأوراق الخريف الجافة ، بينما بعض آخر تخفى و كأنه وجه بومة ترقب المكان .
لم أتمكن من تصوير الفراشات كما رأيتها ، فحركة اجنحتها أشبه بحركات جفن العين ، ترمش سريعا و تمضي ، لذا ربما لم اظفر بصورة تليق و تصف ما شاهدت ، عندها قررت أن أحول الأمر إلى فيديو ، و مع هذا لم أتمكن من رصد ما هو ممتد أمامي في أمتار معدودة و اعتقله في كادر صغير ، فهذه الكائنات الرقيقه تمضي سريعة كالوقت ، تبدو جميلة و فتيه كمرحلة الشباب ، حباها الله بجمال استثنائي ، و وفق احساسي أراها قد تكون أرق ” وصف ” لأي كلمة جميلة تحلق من الشفاه أو أي سلوك رقيق يبدو من انسان .
ان في غياب الفراشات – الحقيقية و المعنوية – عن حياتنا موت لجمال آخر نحتاجه و من خلاله قد تستمر الحياة بشكل أفضل و بأسلوب أكثر شاعرية ، و ربما مؤثر و فعال لمن يملك احساس حقا و يرغب في العيش بصمت مُعبر و سلام ، مضيفا للحياة ” حياة ” بلا ضجيج أو أدنى كلام .

اضافة / عن بعض الفراشات الموجودة هناك :

owl butterflyفراشة البوم ..
فراشة مورفو ” الزرقاء ” morpho butterfly
فراشة الغراب المالوف common crow
فراشة ساعي البريد postman butterfly
فراشة الفصيلة البرتقالية orange-barred sulphu
فراشة الحمضيات citrus swallowtai

~ بواسطة يزيد في أكتوبر 3, 2015.

2 تعليقان to “درب الفراشات”

  1. و وفق احساسي أراها قد تكون أرق “وصف” لما تنقله لنا هنا بنظرتك و إدراكك العميق لجماليات ماحولك ، شكراً يزيد .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: