يكمن اختلاف
في الإعلام تجد من يدرك دوره حقا و من يقضي تجربته بمنافع ماليه و أي كلام !
هناك تيار يستفيد من ممول ” عربي / خارجي ” و يجعل قضايا وطنه ” غسيل ” يراه القاصي و الداني .
لا يطرحها كمشكلات و حلول و بتفكير منطقي ، بقدر ما يطرحها بأسلوب يشعرك بتقديم الذات على الوطن ، و الرغبة في التواجد أكثر من ايجاد الحل أو الايمان بالقضية التي يطرحها ، نهجه ” استمرار البرنامج ” و لو عبر صراخ ، تهكم ، و ما يمكن اضافته لتلك الصفات ، التي يتصور من خلالها بأنه ” الجرئ الذي قالها ” أو ” القوي اللي أخذها من ثغر الأسد “، هو اناء خاوي يملك بعض القدرات الاستعراضيه و صوت ، قد يهدره أحياناً في قضايا سخيفه و حديث عن شخصيات أسخف و بأسهاب ممل و تكرار .
تيار آخر ، تشعر بأنه ممول من الخارج لأهداف سياسيه ، مثل تغيير مفاهيم الناس ، تعبئتهم ، تقليب الأوضاع كي لا تستقر ، نهجه انتقاد غير مجدي ، يشعرك بأن كل ما يحيطك سئ ، و الأسوء سكوتك عنه ، و ليخفف سمه يمزجه بما يتناسب معك و يداعب الغريزة ، ضحك ، رقص ، اغنية ، ابهار نظري ، أو تخفي وراء دميه .
ترى أجندته تتضح حلقة بعد اخرى ، و عبر الطريقة التي يقدم بها ” مادته الاعلامية ” المعبئة له سلفاً ، تجده ” متأمرك ” ، يبيع لك بضاعة رأيتها في التلفزيونات الأمريكية من قبل ، عبر برامج غربيه تعرف اسمائها جيداً و اسماء مقدميها .
يستوقفك الأهتمام الغربي به ، و كأنه ظاهرة تستحق التوقف ، فتجده يحتل صفحات الأخبار في هذه المجلة أو تلك ، ليوصف بأنه محارب من قبل دولته لشفافيته ، يكتبون له ” مجد ” مزيف ، قد تحمله الأوراق و تسقطه الاذهان ، يعمل وفق معادلة ” رأسماليه ” بحته ، قطبيها ” خذ و هات ” لتدمير الوحدة الوطنيه و البلاد .
تيار ثالث أخير ، يكاد ينقرض و لا تجده كثيراً ، يشبهنا في بعض الأحيان ، تشعر بأنه خرج من منازل مثل منازلنا ، يحمل ثقل من الأحباط ، و مع هذا يحاول ان يساهم و يحدث تغيير ما ، دون ان يتخطي ” قيم ” تربى عليها و في العمق هو مؤمن بها ، هو تيار يحافظ على احترامه لنفسه من خلال احترامه لوطنه و لرؤسائه حتى و إن أختلف معهم ، و بالتحديد عارض بعض سياستهم أو أفعالهم ، و هو حين يفعل ذلك يفعله دون ” شتيمه ” أو ” عدم احترام ” ، و يمارسه ” بفن ” .
ينتمى الفنان ” محمد صبحي ” لهذا التيار ، و هو هنا يقلد الرئيس عبدالفتاح السيسي ، يستخدم موهبته كفنان للاضافة ، لا يتجاوز ” حدوده ” التي رسمها لذاته، و من خلال منبره – خشبة المسرح – يعبر عن مواقفه و يغزلها بعنايه .
لا يستخدم ” الشبكات الاجتماعيه ” أو ” الصحف ” أو ” محطات الاخبار ” ليبدي رأيه بطريقة ضوضائيه ، لا يتواجد لأجل التواجد ، و لا يتحدث فيما لا يعرفه لكونه يدرك بأن العلم بحر و بأن لكل انسان حدوده و قضاياه .
لا يتدخل في كل القضايا و في كل موضوع له رأي ، لا ينفعل بشكل غير ناضج ، لا يبدي مكنونات نفسه بعدم اتزان ، أو يبدل ارائه وفقاً للأحداث الراهنة ، بناء على مبدأ قوانين ” اللعبة تغيرت” ، لكونه لا يرى الأمر برمته ” لعبه ” ، لا يشعر بأن الكوميديا هي ايادي ” تدغدع ” المتلقي ، و هدفها اضحاكه فحسب لاجل التربح و البيع فقط ، بل يعي خطورة دوره ، و يعلم بأن إحداث الفرق جزء من مسئوليته و بأنه هنا لإيصال ما يؤمن به للآخرين .
أحببته في هذا المشهد ، و استرعاني ذكائه في اختيار الجمل التي يود تمريرها للمتلقي عبر تقليده للرئيس ، ببساطة هو يحاول تعزيز الوحدة الوطنيه بطريقة غير مباشرة ، و عبر ” مشاركة وجدانيه ” بها يتواصل مع الناس فيصل لهم ، لكونهم يعرفونه ، يفهمونه ، و يدركون مواقفه عبر تاريخ لم يبدو لهم به انسان وصولي ، متبدل ، كاذب عديم الحياء ، يظهر على الشاشة ذاتها ليمدح شخص ثم بعد سقوطه يهجيه ، متناسياً أن الجمهور ” لا يفقد ذاكرته ” ، و بداخله يدرك تماماً من من الاعلاميين يحمل ” رسالة ما ” ، و من ينتمي الى جوقة ” المرتزقة ” ممن يتعاملون مع مهنة ايصال الحقيقه و البحث عنها ، بتقديم المصلحة الذاتيه و الشخصيه على الصالح العام و الناس .
يكمن اختلاف .. وقد لا ندركه وحدنا حينما نكون أمام الشاشة تدهشنا المواضيع وطريقة تقديمها والبهرجة في اخراجها وتغيب عنا الأهداف و المقاصد كأي متلقي بسيط أرهقته فقرات يومه ويجد في هذه اللحظة مخرج ، كل الشكر لك قرأت هنا رؤية تحليلية واشارة للجانب الصادق و المؤثر للمحتوى الذي قُدم باحترام لصورته أولاً ولعقل المتلقي .
تفاصيل said this on نوفمبر 10, 2015 في 10:30 م |
اتفق معك هو ” الأجهاد ” ، التشتيت ، الارهاق ، و كافة تفاصيل الحياة المدنية الحديثه ما يجعل الانسان في بعض الاحيان ” مغيب ” رغم وجوده !
يزيد said this on نوفمبر 10, 2015 في 11:41 م |