أن ترى كل شئ
أن ترى كل شئ و بأعماقك احساس بأنها قد تكون المرة الأخيرة !
أن تصافح عيناك أحبتك دون أن تلامسهم ، أن ترقب ملامحهم بوضوح مذهل ، و كأنك تراهم للمرة الأولى ، أن تسير بقرب اشياء كنت تعبرها يوميا برتابه و بداخل صدرك انقباض أن هناك ” شوق ما ” قد يتحرك صوبها ذات بعاد مباغت .
أن لا تشعر بالأستقرار الذي كانت فروعه تمتد في صدرك ، أن تشعر بأنك تسير كشئ هلامي بلا ظل ، أن تفتقد أسماء ” مجرد أسماء ” كان في ترددها شبه أمان لك و كأنها تعويذة تقي من الشر .
أن تخاف على ابسط اشيائك من ضياع قادم ، أن ترى غربة قادمة فلا تستعد لها و لا تملك شيئا للأستعداد ، أن تتخيل وطنك سجادة تطوى من الخريطه ، و بأن ماضيك ، ذكرياتك ، بيوت من تحب و وجوهم تطوى معه .
أن لا يؤخذ ” رأيك ” في الأعتبار ، و أن لا تكون علامة فارقة ، و أن لا يكون لصوتك أي ثمن الا حين تهذي و يتم سداد فاتورة هاتفك في آخر كل شهر .
أن تشعر بغضب ما يعكر صفائك ، و بكراهية غير مبررة تسري في عروق لم تكن عطشى سوى للحب ، أن تكون تائه رغم لوحات الارشاد و اسماء الشوارع على الطريق ، ان يشرق قلقك فجراً مع كل شمس و تخف دقات قلبك مع كل غروب ، أن يكون نومك ملئ بالكوابيس ، و أن يكون نومك في حد ذاته حلماً لا يتحقق بسهولة في كل ليلة .
أن ينضب بئر الأمل ، و أن تصل لمرحلة لا يداويك بها كبسولة ” أمل كذاب ” !
هي الاشياء التي كنت تحب تحيطك ، و لكن فتور ما بات بينك و بينها ، احساسك المشتعل انتابه خدور ، أن تدرك بعض ما يدور و لا يمكنك أن تمنع شيئا .
أن يكون اعتراضك جملة في مجلس مغلق ، أن تحمل غضبك ” عصفورة زرقاء ” ضالة ، لا تعرف في أي غصن ستقف ، و لا في اي سماء ستطير .
أن تكون ضاجاً كاناء حديدي فارغ ، و ان يكون لسانك ملعقة حديده صدئه ، تقرع بداخله محولة كل خلية بك لجرس عتيق ، لا يسمعه أحد و لا يشعر بوجوده سواك .
أن تراهم في كل صباح يحفرون لك قبرك و تحييهم ، أن تسير و تمضي في طريقك باتجاه حفرة تدرك بأنك ستسقط بها ” ذات خطوه ” و دون أن تدري متى .
أن تحترف الصمت رغم كثرة الحديث ، أن تحاول البكاء و لا تستطيع ، أن ترى كل شئ بعين معانق مفارق يملؤه حنين و خوف ، كطفل ألف بيته ، غرفته ، حياته اليومية ، يذهب لمدرسته للمرة الأولى و على بابها يتكسر قلبه و هم يحملونه دون أن يعرف كيف يعبر و دون أن يشعرون .