عن حقيبة الدكتور ” الغذامي “
حين تحدث عنها ، و رافقها في دروب عديدة ، أثر بي !
و حين تخيلت قبضة يده تنغلق بأحكام عليها ، كطفل خائف يمسك يد أبيه أو والدته ، في عالم يزدحم بالأفكار و النظريات ، و يحاول أن يكون في مأمن من كل تيار فكري قد يُربك ” فطرته ” و يؤذيه ، لمعت عيني !
تفهمت هذ المقال تماما ، و شعرت به ، و كيف لا أفعل و أنا من يقضي مع الجمادات جل وقته ، و يتخيل لها حديث و صوت و منذ طفولة مبكرة ، بدء من كتب تزدحم على الرف و تؤنبني في صمت على أهمالي ، الى أقداح و فناجين اشتريتها ذات سفر و فرحت بها و بحكم التعود بت استعمل سواها و اتركها في غيهب مظلم ، خلف باب ” بوفيه ” مقفول و انساها .
في هذه الحقيبة و معها وجد الدكتور بعض ذاته ، رافقته في دروب حياته ، و كانت شاهداً على مواقف كثيرة ، و ياليتها تحكي و تكتب بعض ما رأته ، و تفعل مثله تماما .
فهي من المؤكد حزنت في يوم التقاعد ، لا لكونها ستبقى في غرفة المكتب المنزلية ، بعيداً عن الشمس و الهواء ، بل لانها تدرك بأن صغيرها الذي كبر ، ما زال بداخله الكثير الذي يقدمه و يعطيه ، فالأمر لم يكن ذات يوم مسألة ” عمر ” بقدر ما هي مسألة ” تكوين ” و قدرة على العطاء ، فهذه العروق البادية لنا في يده ، قد يراها البعض دليل على تقدم السن و علامة من علامات المشيب ، متناسياً بأنها تحمل دماء شابه ، وفكر متجدد ، و روح طفل عميق التأمل غزير الشعور ، و أبسط دليل مقاله هذا !!
أغبط الدكتور الغذامي على سمعته العطرة و فرط احساسه ، و اغبط حقيبته لكونها شاركته في مسيرة عطاء مضيئه بيضاء اليدين ، كما أغبطه على هؤلاء البنات اللواتي يتنافسن في ” حبه ” و هو يعلم بقرارة نفسه انهن ” مفاتيح الجنة ” .
أما أبنته ” بشاير ” التي التقطت الصورة لتلك الحقيبة ، فهي اديبة دون كتب أو سطور ، ففي لقطة قد تبدو للبعض عابرة ” وثقت ” و فجرت ” قريحة ” انسان له قلب نابض و يتفاعل مع الاشياء بطبيعته ، فيغزل شعوره سطور نقرأها ، لذا كتب عن ” حقيبته ” و في كتابته تعبير عنا ، نحن معشر ” الضعفاء ” الذين يرتبطون عاطفيا بالأشياء و يتعلقون بها !
ما يدهشني ايضا هذا ” الشعور ” الذي أحمله اتجاهه ، فلم أقابله في حياتي يوماً ما ، و لم أشتري له كتاب ، و لم أقرأ له إلا هذا المقال و بضع سطور قليله ، لكن محبتي له غريبه ، و هي من الله و الله إن أحب عبداً حبب عباده فيه .
في محياه أرى صورة ” المعلم ” النموذجي ، و استشعر عاطفة ” الأب ” الحنون ، و في سطوره سلاسة في الأسلوب و عمق في التناول ، به ” ككل ” شئ مألوف و مع هذا يظل نادر ، و ربما ” هنا ” يكمن سره !
اضافه :
+ كتبت هذه السطور بعد أن قرأت مقال بعنوان ” تتقاعد أنت فهل يتقاعد كلك ” للدكتور عبدالله الغذامي .
كلاكما مرهف الإحساس ، عميق التفاصيل والرؤى ، انتقلنا من شعور لآخر ، ومن وفاء لإخلاص ، كلمات بسيطة ولكنها معبّرة عن حالات شعوريّة تُبصرٌ حساً لا بصراً ، وتُستشعرُ ببصيرة 👌🏻
حنان said this on ديسمبر 13, 2015 في 11:24 م |
شكرا لك .
يزيد said this on ديسمبر 14, 2015 في 8:39 ص |