الطاووس
فيلم من اخراج كمال الشيخ ، شاهدته لأول مرة عند صدوره في بداية الثمانينات ، بالتحديد في بيت جدي ، لم أختاره لأني ببساطه و في ذلك العمر الصغير لم أكن ادري ما هو ، لم اقرأ عنه شيئاً ، و لم أعي أبعاده ، لكن كل ما وعيته في ذلك العمر المبكر أن الفيلم كان قادراً على جذب مشاهديه من اقاربي الكبار ، و كان يتناول فكرة غريبة ، و بأن هناك ممثلة جديدة تدعي ” رغده ” تحدثوا عنها طويلاً ، البعض حكى عن شكلها ، ادائها ، لكن المؤكد أنها كانت نمط جديد في تلك الفترة على الشاشة المصرية ، و الجديد أن تشارك ببطولة و منذ أول فيلم !
القصة تحكى عن استبداد ” الرغبة” داخل الأنسان ، قدرتها على افتراسه ، و دفعه لأجل تلبيتها لأبعاد قد لا يتوقعها أقرب الناس له ، كل هذا يتم تناوله في اطار هادئ ، متزن الأيقاع ، و قد يعده البعض بارد بعض الشئ ، فلا تشويق بالشكل المتعارف عليه ، لا موسيقي لاهثه ، هي مشاهد تتوالى و معها تتابع الأحداث .
البارحة و أنا أتصفح جرائد قديمة لدي ، استوقفني هذا الخبر و ابتسمت له ، كان بعنوان ” مغامرة سينمائيه !” ، و بخط عريض كتب ” كمال الشيخ يسند دور ناديه لطفي لطالبة سورية في كلية الأداب ” ، و في التفاصيل ذكر أنه ظل طوال عام كامل يبحث عن وجه جديد يقوم بدور خاص في فيلمه القادم ، خاصة بعد حدوث اختلاف حول الأجر ما بين منتجة الفيلم و الفنانة القديرة ناديه لطفي ، كما ذكر أنه تم ترشيح الفنانة يسرا لهذا الدور لكن المخرج وضح بأنها لم ترشح ، لكون هذا الدور يحتاج الى مواصفات معينة وجدها لدى الممثلة السورية الجديدة ، في البدء شاهد صورها و من ثم حلقات من مسلسل تم تصويره في أحد الدول العربية الشقيقه مع محمود ياسين و عنوانه” بعثة الشهداء “، و تأكدت نظرته حين التقى بها و حدثها .
تلقائيا بحثت عن الفيلم ، حين وجدته تغطيت و اطفأت الأضواء ، مضيت مع احداثه و مع ذاكرتي ، الصور أعادتني الى أربعة و ثلاثين عاماً مضت ، القصة كنت أعرفها لكوني شاهدت الفيلم أكثر من مره ، لكن في هذه المرة بدأت أتامله من جديد ، اشاهد لعبة الضوء و الظل في بعض المشاهد و اللقطات الخارجية ، اطالع بحنين نمط العيش و بيوت تلك الفترة ، أكواب الشاي ، الأبواب ، المقاعد ، تلك الجدران الخالية و الممتده ، المداخل العالية ، التلفونات ، اصيصات الزرع ، النباتات التي تتسلق الأعمدة ، الأشجار العريضة ، الثياب ، الشفاه ، الملامح المتباينه من انسان لآخر ، و المكياج البسيط الذي يحدد تقاسيم الوجه ، السيارات و المباني و القطارات ، و كافة الاشياء التي وجدت في العمل دونما ازدحام أو أفتعال .
الفيلم كما ذكر المخرج ” تدور احداثه حول اصطدام غريزة الأنسان بتقاليد المجتمع .. و ما قد تؤدي إليه هذه الغريزة من (هاجس) شرير قد يقضي على صاحبه ” ، من ضمن ما قرأت أن الفنان جميل راتب كان مشارك في البطولة ، لكنه لم يحدث ، الخبر نشر في جريدة المساء المصرية ، بتاريخ الأحد ٨ أغسطس ١٩٨١ ميلاديه ، قرأته البارحة و عبره أمضيت أمسية هادئة كأيقاع الفيلم و مختلفة كأحداثه .
في الصباح وجدتني أفكر بكتابة هذا الموضوع دونما تخطيط ، و أضيفه هنا مع جزيل الشكر لمحمد سعيد على رفعه على اليوتيوب ، لا أعلم إن كان بعضكم قد شاهده أو يحمل ذكريات عنه ، لكن الذي أعرفه إني بعد مشاهدته أفتقدت ذلك الزمن بكل ما فيه من تفاصيل صغيره أو أشخاص ، هو زمن بداية الثمانينات ، زمن البساطة و التلهف للأنفتاح على الحياة .
أحببت أن يبدأ الفيلم بموضوع المحاضرة وقد تكون تلميحة للفكرة الأساسية للقصة وما سيحدث لاحقاً – أو هكذا شعرت – ، الكابوس الذي صاحب حادث الطريق كان بالإمكان أن يكون مشهداً عابراً إلا أن الرغبة الداخلية جعلت منه حقيقة معاشة ولا أخفيك إن دور نور الشريف واداءه مستفز – بالنسبة لي – وإن كان يجسد فكرة عدم الاتزان وسيطرة الرغبة وفي وسط تلك المتاهة أثر بي توقيت مشهد لعبة الشطرنج ! ، أحببت شخصية عم عبدو وإن كان دوره هامشياً : ) ، وكما أشرت إنها تلك الحقبة بما تحمل من جمال بسيط و ملفت جعلت من مشاهدة التصميم الداخلي للمنزل والشرفة والحديقة الطلة على الماء الاكسسوارات و إطارات الصور والشبابيك تفاصيل ممتعة ترافق المشاهد و تحيطه بحنين ما إلى ماكانت الأشياء عليه في السابق ، مما أحببته أيضاً الفستان الذي أرتدته رغدة (سميحة) في عيد الزواج والذي نقلني تلقائياً إلى تصميمات جيرسيه تمزج الأبيض والأسود دون أن يختلطا تماماً والتي أعادها غوتشي من جديد قبل سنوات ، تفاصيل استحقت أن أقضي الليلة معها فشكراً جزيلاً لك .
تفاصيل said this on جانفي 9, 2016 في 4:23 ص |
العفو ، واسعدني ذلك .. 🙂
اضيف بأني احببت اداء نور الشريف في هذا الفيلم و اعده كان بالنسبة له مرحلة جديده تقترب من تلقائية الاداء و عدم المبالغة .. مرحلة اكثر نضوجا .
ليلى طاهر كانت طبيعة ايضا .. صلاح ذو الفقار يوجد به بعض المبالغة لكن مناسب للدور .. رغده بداية قويه و ياليتها استمرت بنفس الاختيارات و التوازن .. افهم انجذابك لعم عبدو ( رمز مرحلة ) .
شكرا لسطورك ايضا و تفاعلك مع الموضوع .
يزيد said this on جانفي 9, 2016 في 5:10 ص |
نادية لطفي من سن ليلى طاهر او اكبر فكيف تقوم بدور رغدة الاصغر في السن بعشرين عام على الاقل من اختها؟؟؟ اما يسرا فسنها كان مناسب لكن كان عندها انيميا لم تكن لتجعلها بطلة او فتاة احلام كهل كنور الشريف ممتليء بالرغبة!! رغدة كانت مناسبة فعلا شكلا و سنا
Nada said this on سبتمبر 5, 2019 في 10:34 م |