من داخل الاطار
نتحرك تحت نفس السماء ، نرقب الطيور ذاتها ، و السحب التي تمر فوق رأسي تعود لتعبر رأسك ، و مع ذلك لا نلتقي ، لا نتحدث ، و لا نفكر بذلك .
ما نفكر به هو كل ما كان بيننا ، ما حدث ، و بداخلنا سؤال “ماذا يفعل الآن ؟ ” .
افترقنا لأجل اعتبارات كثيرة ، و ربما لأجل سوء تفاهم ، و ربما عن عمد .
ابتعدت خطانا ، مضينا في اتجاهات مختلفة ، برغم سيرنا على طريق واحد ذات مساء ، في ليلة اسقطنا بها اعتبارات كثيرة ، و ليل به العاطفة سبقت التفكير ، تدفقنا و عرفنا عن بعض الكثير في وقت قليل ، و بعض ما عرفناه كان كفيل بأن يضع المسافات بيننا ، يثير في اعماقنا اسئلة عديدة ، شكوك ، و ” قال و قيل ” .
ارتبكنا حين تعارفنا ، تاهت بنا الدروب ، ما بين رغبتنا التي نحلم بتحقيقها و بين الاطارات التي يجب ان نلتزم بحدودها و نعيش بداخلها .
كان المدى مفتوح لكننا كنا نهاب الريح ، ندرك بأن تعلقنا بغصن اللقاء لن يديمه ، فهو غصن قابل للكسر ، جاف ، لا يزهر ، لا تزين امتداده ورقة خضراء واحده ، حتى الشجرة التي يمتد منها و نستظل بظلها هي في عرفهم ” ملعونة ” ، ميتة رغم وقوفها منذ زمن ، موبوءة ، و مجرد الأقتراب منها أو الانتماء لها كفيل بأن ينقل كل الموبقات التي تزحف على جسدها و تنخره كالحشرات الصغيرة إلى أجسامنا النابضة بالحياة فتمرضها و تعييها .
لم يعلموا بأن الاعياء قد أتى مع هذا الفراق ، و أن الألم الذي انتاب قلوبنا لن يُنسى ، قد نعيش ، لكن اقبالنا على الاشياء لن يكون بنفس الصدق ، و سوف نسير على كافة الدروب بحذر مخافة طعنات جديدة .
هو مساء واحد ، ساعات معدودة ، لكنها كانت كفيلة في تغيير خريطتنا الداخلية ، و النفاذ الى أعمق نقطة بنا ، لترك بذرة الوجع تنمو بداخلنا ، و كلما كبرت أو امتدت براعمها انتابنا انكسار ما ، و عدم قدرة على تحديد أو فهم ما حدث !!
ندرك بأن في أستمرارنا و بقائنا أذيه ، كما نعلم تماماً أن فراقنا أذية ، عشنا التجربة و كنا مثل من يخيرونه بالموت شنقاً أو على مقصلة ، هو قد يتصور انه مخير و يملك القرار ، ثم يعاتب ذاته على هذا الأختيار ، في لحظة شوق مباغتة أو ألم عابر ، لكن كلانا كان يعرف الحقيقة ، و هي بأن الموت ينتظرنا في آخر الطريق ، و أن الانكسار أمر مسلم به في هذا المشوار .
من يعي الأمر جيداً قد يدرك بأن كسره سوف يُجبر أو ربما خلف أثر ما ، و سيحرص على أن يتعافى ، كي يركض و يعوض ما فاته و يكمل المسير .
في هذه الليلة اتأمل السماء التي أعتمت مدركاً بأنك هناك ، كنجمة بعيدة قد لا أراها ، لكنها موجودة في المجرة ، و أعرف أن لها مكان تعيش به ، و أنها في مكان ما تشعر بي ، و تذكرني .
في هذا الكون تعلمنا كيف أن نكون معاً دون أن نكون ، و كيف أن نستحضر في الوحدة أحبتنا ، نشم رائحتهم ، و نعرف كيف يرتبكون ، و متى ترتجف الجفون ، نعي أدق التفاصيل التي لم نكن نلمحها اثناء اللقاء ، تخرج من اعماقنا و كأنها أختزنت لوقت كهذا ، و لزمن به تتباعد الأجساد و تتواصل الأرواح دونما اتصال .
ختاماً دمت بخير داخل الاطار ، بعيداً عن حياتي و بيتي و عنواني ، كما أني أرسل لك محبتي و تقديري و احترامي من الاطار الثاني .
حزينة … كـ كلمات قالها ناي وصمت للأبد.
ناي said this on جانفي 20, 2016 في 1:03 ص |
احببت سطورك و شكرا لمرورك .
يزيد said this on جانفي 21, 2016 في 5:23 ص |