ما أقدر أنا أقولك
استيقظت من نومي و وجدتها تدندن في رأسي دون مقدمات !
تذكرت سُفرة طعام تتسع لأربعة اشخاص ، في بيت عشت به كبيتي ، و أمضيت بين جدرانه أوقات باتت اليوم كحلم لم يكون !!
علي تلك المائدة جلسنا بأعمارنا المتقاربة حينها ، نغني أغنية شهيرة في تلك الفترة ، نتبادل غناء المقاطع و نكرر بعضها ربما لأننا لا نحفظ سواها .
كنت أحب ذلك البيت بأهله ، و أحب تلك الفترة بكل ما فيها ، تماما كما كنت أحب جُمل الأغنية البسيطة و الغارقة في احساس غير متكلف ، تحكي قصة روح اعتادت على كبت شعورها ، تقول لمن تحب بصمت و دونما حديث ( ما أقدر اقولك مع السلامة .. روح .. ما أقدر أقولك .. حبك أتملك .. جوه الحشى .. بالروح .. حبك أتملك .. ويلي ويلي .. يا قلب ويلي ) .
في تلك الفترة – و إلى الآن – كنت أخطئ في كلمات الأغنية حين أغنيها ، و أضيف إليها كلمة ( أنا ) دونما سبب واضح ، لتصبح ( ما أقدر أنا اقولك .. مع السلامة روح … ما أقدر أنا اقولك ) .
بحثت عن الأغنية في النت و طال البحث ، لا لأني لم أجدها ، بل لأن النسخة المتداولة عبر الاثير نهايتها مبتورة ، ليست مكتملة ، أضافة إلى رغبتي بمعرفة التاريخ الصحيح لها، و هل كان في نهاية الثمانينات أيام بداية فرقة ميراج أم اول التسعينات .
خلال البحث عرفت أن سميرة توفيق غنتها ، و البعض يعتقد انها من التراث الأردني ، لكن الحقيقة هي عراقية ، من الحان رضا علي و كلمات سيف الدين ولائي ، و أن النسخة التي استمعت لها ذات عمر لم تكن أكثر من اعادة حديثة ، كما أنها ليست من أعداد فرقة “ميراج” كما تصورت و اعتقد البعض في ذلك الحين !
غنتها سهير عوده بعد انفصالها عن فرقة ميراج ، مع زوجها مصطفى شعشاعه ، الذي احب الأغنية و غناها في مرحلة تسبق زواجه ، بالتحديد خلال مرحلة تجنيده في الثمانينات الميلادية ، و كان يغنيها لزملائه المجندين في ليالي السمر ، فكانوا يصرون عليه أن يعيدها مراراً ، تأثير هذه اللحظة بقي في باله و أسعده في ذلك الحين .
عرف بأحساسه أنه سوف يعيد صياغتها يوماً ما و يُعدها كعمل فني يقدمة ذات يوم ، لكن دون أن يعرف متى أو كيف ، أستمر بغنائها في الجلسات العائلية ، و بعد زواجه باتت ترددها معه زوجته في تلك الجلسات .
في بداية التسعينات قرر أن يخرجها للنور ، و اختار أن يقدمها بطريقة “ديو” مشترك مع زوجته ، خاصة أن هذا النوع من الغناء كان مفقوداً لفتره ، عند صدورها حققت نجاحاً كبيراً ، انتشرت في الوطن العربي ، و بثتها اذاعة مونت كارلو و حصلت على المرتبة الأولى وقتها .
ما جعل البعض يظن أنها تابعة لفرقة “ميراج” سببين ، الأول وجود سهير في الأغنية دون معرفة خبر انفصالها عن ميراج ، و الثاني صدور الأغنية عبر شريط للفرقة ، وزعته شركة اسمها ” الموال “، متضمناً هذا العمل بين الأغاني دونما تفصيل أو توضيح .
نهضت إلى مكتبتي لأبحث عنها بجودة أفضل ، لكن كل ما وجدته اسطوانة كنت قد اشتريتها قديماً لفرقة “ميراج” ، كما تكاسلت أن أبحث في كافة شرائط الكاسيت التي لدي و أكتفيت ببحث سريع لم يسفر عن شئ .
عدت للنسخة المصورة الموجودة في النت ، عدلت بها قليلاً ، ثم رفعتها مرة اخرى ، مع كامل الأمتنان لرافعها الأصلي ( هاني الأردن ) ، ايضاً وجدت نسخة صوتية كاملة ، بصوت غير نقي و أحببت أن أضيفها في الأسفل للاستمتاع بها مكتملة .
ختاماً سهير و مصطفى انفصلا و وقع الطلاق بينهما ، البيت الذي أعرفه غادره أهله لبيوت جديده ، أشياء كثيرة تبدلت ، و أنا لم أعد ذلك الشخص ، وحدها ظروف الحياة ما زالت تجمع و تفرق ، و مع هذا الذكريات الجميلة تبقى و لا تغادرنا ، و اللحظات الحلوة تعيش رغم غياب الأشخاص و مرور الزمن ، هي أوقات نحن لها ،نفتقدها، و تدفعنا لأن نستحضر ذات فجر أغنية في البال .
اضافة :
+ مقال في جريدة الرأي بعنوان ” اغان اردنية ذات اصول عربية ” .
+ كلمة بحق شاعر الأغنية العراقية من مدونة سوسن الفنية .
من أجمل الأغاني التي سمعتها إحساسا وذوقا ومشاعر فياضة
MOTAZ said this on نوفمبر 14, 2016 في 7:14 م |