يمضي و تبقى الأعوام
رحل و مساحة الحلم بداخله كبيره كقلبه …
رغم تكاتف الحياة عليه كان يفتح صدره لها ..
رغم الخيبات ظل يتناول الشاي الذي يحب ساخناً و برضا تام …
يعرف الناس لكن لا يضعهم في قوالب …
يتعامل معهم جميعا دونما ضغينه ..
يرحب بمن ازعجه مثلما يرحب بمن أحبه و أعطاه …
يحاول أن يضع معادلاته ليتصالح مع كون متناقض …
كون مُرهق … كمحاولة العيش تماما !
هذا الرجل الذي مضى هو ” أبي ” ..
الذي بقيت الأعوام تسير بعده بأيقاع منتظم لم و لن تعرف غيره ..
تتحرك كنهر جارف ، لا يتوقف ، لا يتعب ..
لا يحاول أن يأخذ انفاسه و يمنحنا هدنة نعي بها ما يحيطنا و ما يحدث لنا ..
لندرك ما تغير و ما سقط و ما بقي ثابت …
هي أعوام لا تعرف “الشوق” ..
لذا لا تعرف العودة ..
في انجرافها لا تلمح تلال “الحنين” …
تسرع و تغمر كل شئ برتابة …
تضعنا في “اليوم” كل يوم …
البارحة لديها ماضي ، و المستقبل لحظة لم تأتي بعد ..
أهرب من تدفقها و اختبئ في غرف اسمنتيه ..
بها أحاول أن أفهم ذاتي …
أستوعب تفاصيل حياتي ..
و اتواصل مع راحل عشت معه ..
لاراه في غيابه من جديد و المحه عبر تفاصيله بأحساس جديد …
اعرفه مرة اخرى دون وجوده …
من خلال اختيارته ..
استرجع بعد فراقه شريط حياته …
فأراه بوضوح أكبر ، و شئ بداخلي يكبر ..
لكن دون لقاء و دون تعبير يصل إليه …
في مكتبته التي تضم كتبه …
اقرأ بعض اتجاهته …
في حقائبه و اجهزته الصغيرة …
في اوراقه .. سطوره .. اقرأ بعض تفاصيله ..
هنا أجندة اشتراها للعام الجديد…
في وقت كان المرض يحاصره دونما لطف …
احتفظ بها الى أن يحين وقتها ..
في بداية عام جديد ..
في مثل هذا الشهر عاد …
بطائرة اخلاء طبي ..
حاملاً أمراضه ، بعض من رافقوه …
و أمل كبير في الله..
و حلم لا يموت …
لكن لزمه الصمت ..
فعباءة الاكتئاب التفت حوله بأحكام هذه المرة …
مضى من المطار لغرفة العناية المركزة …
مكث هناك لشهور …
ثم غادر كوكبنا وحيد …
و قبل دخول العام الجديد …
ترك كل ما اشتراه متكدسا هنا …
و بداخلنا ترك ذكريات تموج …
بتنا محيط عميق ..
لا يملك لأمواج شوقه شطآن …
ضم التراب جسده ..
و منذ زمان …
لكن عشنا بعده …
و في بُعده …
نتلمس وجوده …
في بقايا ظله ..
و هذا أضعف الإيمان !
الله يرحمه ويغفر له ويتجاوز عن سيئاته ويدخله الجنة من غير حساب ولا سابق عذاب.
وما هذه الدنيا إلا حياة فانية، جمعك الله بوالدك في جنة عرضها السموات والأرض.
الوليف said this on ماي 28, 2016 في 8:39 م |
آمين
يزيد said this on جوان 2, 2016 في 9:43 م |