تكرار
قد يكون التكرار نمط معيشي ، نبحر به مع اشراقة كل صبح ، و نشكو منه آخر كل يوم ، لكن الحقيقة لا شئ يتكرر و ان بدا لأعيننا ذلك !
فالشمس قد تشرق كل فجر ، لكن درجة حرارة الكون تختلف مع كل نهار ، الاماكن التي نحيا بها جامدة في ارضها لا تتحرك ، لكنها قادره على ان تكون مليئة بتفاصيل تشكل لنا احساسنا بهذا المكان و بمن يعيشون به .
هي أمور تبدو لنا مكررة و هي تكون فعلا كذلك ان لم نحاول ان نرى الجديد دائما ، و نغير زوايانا التي نقف بها كل مرة ، من المراحل الجميلة لدي كانت مرحلة الدراسة الابتدائية ، علما أن النشاط ذاته يبدو روتيني و مكرر ، الا انه كان ليس كذلك نظراً لان الذهن الذي كنت اتعامل به مع الاشياء لم يتبرمج ، لم يوضع له سقف محدود ، و احساسي حي ، و روحي تواقة لتجربة كل جديد و تقديره ، فكنت اسعد ان عدت البيت و قد تعلمت كلمة جديدة ، و احساسي بذاتي يعلو ان تحدث الناس حولي بأمر بت ملماً ببعض تفاصيله ، و جدولي اليومي رغم تكراره منظم ، يساعدني على التمتع اكثر بأوقات فراغي ، و تحديد مواعيد طعامي و نومي ، كانت برمجة ايجابيه لكونها تنمي فعل الارادة و تعلي سقف الانتاجية و تمنح الذات ما تصبو اليه و هو الشعور بانها تنمو و تطور و يوضع في طريقها تحديات – تبدو اليوم بسيطه – لكن عند الانتهاء منها نشعر بلذة ما ، تشبه شعورنا عند سماع ” جرس الفسحة” بعد درس طويل .
رمضان هذا العام بأمكانه أن يكون ” الفسحة” التي تخرجنا من حياة مادية و تربطنا بما هو أعلي و قادر على تغيير هذا الكون و حفظه ، شهر به منطقة الروحانيات و الدين تعود لمسارها الصحيح لمن رغب ذلك و حاول أن يزرع في عتمة روحه زهرة مضيئه ، تنجيه حين تحتكم الظلمة حوله ، و تساعده على معرفة الطريق إن تخبطوا الناس .
فالحياة هي وقت ، به الاشياء قد تتكرر ، و قد تبدو لنا كذلك ، لكن الحقيقة هي أن كل لحظة شئ فريد ، مميز ، و نادر ، و أنت اليوم لا تشبه صغير البارحة ، و لن تشبه ذاتك في الغد ، و هذا الاختلاف من المفترض أن لا يدعو الى مفاضلة و اي شخص منهم كان الأفضل فجميعهم “أنت” ، لذا استمتع بذاتك في كل حالاتك ، و كل عام و انت بخير يا أيها الفريد !