عيون بلا وجه
عنوان لفيلم شاهدته اليوم ، يحكي عن جراح حدثت له حادثة مع ابنته اودت بوجهها الجميل ، فقرر ان يعيده لها مهما كلفه الامر ، الى ان دفعه للجريمة مع سيدة قد اسدى لها خدمه سابقة بوضع وجه جديد لها .
يضعان الفتاة اسيرة في قصر الطبيب ، و يتورطان في جرائم عديده لاجل خلق وجه جديد لها ، و هي بعينيها ترقب العالم ، و سلوك هؤلاء الشخصان معها ، تتامل بعيونها تلك الوحشية المتسترة بعباءة الحب .
ذلك الحب الذي عرفته في حياتها السابقة ، فقد احبت شاب و بادلها الشعور ، كل ما تفعله في عزلتها اليوم الاتصال به و عدم الحديث ، تسمع صوته و تغلق الهاتف ، فهي في نظر الجميع فتاة قد ماتت و دفنت ، و ابيها يسعها لخلقها من جديد باسم جديد و وجه جديد و حياة جديده .
تترجى السيدة التي تعاونه و تشاركه جرمه بان تقتلها بالابر التي يعطيها والدها للكلاب التي يحبسها في الاقفاص حين يرغب بانهاء حياتهم رحمة بهم ، لا تجد صبراً لتحقيق حلم يتحقق بفناء ارواح و مزع اشلاء من وجوه فتيات اخريات ، لا تجد بها طاقة للعيش في هذه الحياة المجردة من كل ما كانت تعرفه و من كل ما هو ” هي ” و ما كانت تحبه و تتعلق فيه .
ينتهي الأمر بها بأن تصبح مثلهم ، تغدو قاتله كي تنقذ حياة فتاة بريئة قد اتوا مؤخراً بها ، تطلق الكلاب من اقفاصها و التي تقتص بدورها من الطبيب الذي عذبهم و تعض يده التي سكنت بها مهارته و تنهش لحمه و تنزع اشلائه تماما كما فعل مع الآخرين .
و في مشهد سيريالي تطلق الطيور و تمضي مع اللحن في الغابة تسير مرتديه قناع دونما اتجاه او درب ، فمن كان يحدد لها الطرق مات ، و من كان يرسم لها الدروب تلاشى و تركها مع الطبيعة و ذاتها التي لم تعد تشبهها ، في انتظار القادم المجهول .
البشرة و الفستان .
لا اعلم لماذا شعرت اثناء مشاهدتي للفيلم ، بأن الجراح الشهير الساعي الى الكمال الجسدي ، المولع بتجميل النساء و تمزيق اجسادهم ، يشبه بشكل ما مصممي الازياء و قادة الموضة ، و ان ابنته هي المجتمع الذي يرقب باستسلام ما يحدث و يتبعه بعيناه ، يمضي اليه – و ان اعترض – دون الاستمرار على موقف واضح او الرفض بصمت تام ، كما انتابني احساس بان البشرة التي يخط عليها بالقلم خطوطه و يقصها ، تشبه ” الباترون ” و قطع القماش التي تفصل منها الفساتين التي تغطي و تستر اجسادنا كالبشرة تماما !
تلك ” الهيمنة ” و الاجواء ” المتغطرسه ” ، ذلك الصوت الأوحد الذي يسعى الى فرض نبرته ، المولع برسم الخطوط و السيطرة التامة ، انطلاقا من نقطة الشعور بـ ” الأنا” وصولا الى أن بعض ” المعرفة “عذر كافي لأن نقرر و نحتكر و نسعر و نحدد ما يرغب به الاخرين و نوهمهم بأنهم في “حاجة لنا ” و يحتاجون اليه .
في الفيلم
احببت الرمزيه في بعض مشاهد الفيلم المعروض في مرحلة الستينات الميلاديه ، كما احببت الموسيقى الغارقه بالانفصال و الحلم ، هنا بعض مشاهد سرياليه و صور ربما لا تحمل ضمنيا رسائل واضحه ، لكنها قادره على خلق تأملات لدى كل عين ترقب و تشاهد ما يحدث ، فتومض ” فكرة ما ” و أنت تتابع الاحداث باستغراب قد لا يبدو كبير اليوم – نظرا لما باتت تعرضه السينما من عنف قد يفوق ما يتضمنه هذا الشريط – لكنه لا يخلو من تقدير للمسة الفنية التي سعى ان يتحلى بها الفيلم رغم سوداويته و اجوائه الغريبة.
قد لا يكون من اجمل الافلام التي شاهدت ، لكن من المؤكد بأنه سيكون من الافلام التي تركت انطباع خاص و لن انساها ، به شئ كئيب او حزن غريب ينتقل من الشاشة الى روحك حين تتخيل ذاتك في مكان هذه الفتاة ، و تصارع ما تصارعه بدء من ذاتك الى الناس الذين تحب و ما هو ليس عابر و يصادفك بحياتك و تعيشه مثل كابوس تماما !
على الهامش :
+ لمشاهدة الفيلم كاملا على موقع اليوتيوب اضغط هنا .
+ للمزيد عنه في ويكبيديا اضغط هنا ، و في موقع بيانات السينما هنا .
+ لسماع المقطع الموسيقي الذي احببت اضغط هنا .
+ مخرج العمل استغرب حين تم تصنيف فيلمه ضمن قائمة افلام الرعب او المخيفه للجمهور ، و أوضح بأن كل ما حاول صنعه هو نقل ” كُربة ما ” تمر به فتاة في حياتها و هنا هو يحاول ان يرصد بلغة سينمائيه ذلك الغم الذي يأخذ بنفسها و يسجله بالعدسة ، مضيفا بان عمله مجرد معالجة لرواية نشرت في السابق و لم تجد ردة الفعل الذي وجدها عمله و ازعجته لكونه “غير مرحب به ” !
اضافة اخرى :
+ هذه التدوينة نشرت عبر ” واي فاي” أحد الجيران لكون النت ” لا يعمل” بصورة جيده و لعدة ايام ” اليوم عاد ” ٣ اغسطس .
+ وجدت هذا الفيديو المصاحب للموسيقى التي احب مع بعض اللقطات و رغبت باضافته هنا :
أحتويت الفيلم كالسوار بالمعصم , أعتقد بأن جان ريدون لو قرأ نصك بتلك الفترة لوضع إسمك بعد بيير بوالو
vision: Yazeed – Who saw what others did not see it.
بسبب التدخل الجراحي من الفرد المعتوه ” رمزية فرانكشتاين و جيكيل / مستر هايد ” تم وصفه بفيلم رعب لكن هو أقرب لأفلام النوار بفئات تلك الفتره , هو يشترك أيضاً مع السابقين برسالة التحذير لعاقبة التدخل بخلقْ الخَالقْ ( و كل الديانات السماويه تُدين لله ) و الفشل المعادل للنجاح.
ما ألتصق بروحك هو ” العجز “. عجز الشخصيات لتقبل ما فرضه القدر عليهم , الأب فى تشوه إبنته , السيدة و سيطرة الإمتنان و العجز عن رد الجميل للأب , الفتاة في عدم قدرتها على رفض شبكة عنكبوت من المصائر كلها ترتبط بها و ليست لها علاقه بها بنفس الوقت.
أتحدث و أنا لم أر هذا الفيلم لكن سبق لي و أن شاهدت النسخه المحدثه / التجاريه منه لأنطونيو بانديرس و المفارقه هنا بأن هذه النسخه أيضاً تم تصنيفها لفئه غير مناسبه لها.
رمزيتك في أدب المشاركه أبداً لا توقف عن ذكرها , بحاجه إلى نشر هذا النوع مع الأدب.
العجوز لو درت , حتعمل هنا إعلان (ت)
o7447o said this on أوت 4, 2016 في 1:41 ص |
فعلا هو ” العجز ” ما يتلف الروح دائما !
مفارقة .. الرغبة و عدم القدرة .. المحاولة و عدم النجاح .. السعي و عدم الوصول !
انت ايضا قد تقرأ النقطة التي اردت الحديث عنها .. و لم أفعل .. و بالتالي تدهشني !
شكرا لك دائما .. و سطورك حمستني لمشاهدة فيلم انتوني بانديرس .. دمت بخير و دامت سطورك حاضرة .
يزيد said this on أوت 4, 2016 في 1:48 ص |
o7447o قرأت الكثير من مشاركاتك هنا،
هل لديك مدونة خاصة؟
لديك القدرة على التعبير وتمتلك مخزون ثقافي كبير جدا وذاكرة حاضرة في كل المناسبات، من الظلم أن تحتفظ بهذا الفكر وهذه المعلومات والذكريات دون توثيق ونشر!
ماشاء الله
دمت بخير
الوليف said this on أوت 4, 2016 في 9:19 م |
وليف , أسمك النادر له معزه كبيره عربياً , و غربياً ” بإضافه الواو و حذف الياء ”
أتابع ما تكتب أيضاً و أجد نفسي فيه بطريقه ما.
أنا – و كما أرى – مثلك .. كالسمك , نحاول جاهدين الخروج من حوض مللنا من أبعاده .. من زينته .. من كل السمك المجاور المحيط بنا .. بألوانه و أنواعه و أحجامه .. و فقاعاته.
نبحث عن محيط لا نجد فيه أشباه مِنْ ” نحن .. و هم ” , هنا أحد تلك المحيطات .. هنا ألتقينا.
و عطفاً على تماثلنا .. فليس لدي أكثر مما لديك أو لدى الغالبيه , ف فارق السن – بعد الله – هو من أدين له بالفضل , قدم لي بعض تجارب الحياه .. ممله فى لحظتها و مهمه بكل سنه تمضى عليها لإنها تؤكد بأنه ليس دائما ” فى الإعادة إفادة “.
السلام لك منذ أمد .. و السلام عليك برحمة من الله و بركاته
o7447o said this on أوت 5, 2016 في 3:39 ص
للتو انتهيت من مشاهدة فيلم انتوني بانديرس .. يلتقي في الخط العريض و يختلف بالتفاصيل كليا .. هنا حكاية اخرى .. اب يحب ابنته .. و هناك حكاية اخرى رجل فقد ابنته و يسعى للانتقام للحد الذي رغب به في تحويل الرجل الذي اذها الى امراة .. و من ثم ممارسة الجنس معه .. و عشق ما صنعته يداه !
الغرائبية في فيلم بانديروس حاضرة بشكل غريب .. و السواد الاكثر تاثيرا حاضرا اكثر في الفيلم الآخر .
ختاما احببت اغنية في فيلم بانديروس كانت في الخلفية قد اضيفها وقت لاحق .. كما احببت بعض المشاهد و احببت الممثل الذي ادى دور الرجل الذي تم الانتقام منه و اثر بي بشكل او بآخر .. ربما لكونه لم يتخيل او يتصور ابعاد سلوك عابر قام به في ليلة غير متزنه .. و ربما لكون العقاب مخيف .. و هو ان تجرد انسان من حياته التي يعرف تماما و تضعه في قالب اخر لا يشبهه .
يزيد said this on أوت 7, 2016 في 2:29 ص |
قد ترى بعض الغرائبيه كون ملكة الإنتقام لديك مرحليه .. لا تستمر طويلاً , بعكس البعض .. و هم الأكثريه و في هذا قصه تطول.
بدايةً .. كمية السواد في عيون بلا وجه تخصص فرنسي بحت لا ينافسه فيها سينمائياً الا الأفلام الروسيه و حالياً الإيرانيه (( فيلم TAXI بأجزائه الأربعه يصنف بإنه كوميدي !! )).
تلتقي العناصر الأساسيه لكلا العملين على عده محاور وهى أساس مقارنتى: الأب .. الإبنة .. الحب و لاحظ .. كلا الأبوين تخصصهم واحد .. الجراحات التجميليه مع النزعه للتطور على حساب البشرية.
كلا الأبوين فقدوا إبنتيهم , الأولى لجمالها مما أنعكس على روحها و الثانيه لروحها مما أنعكس على جمالها و كلاهما بهذه الحاله .. ميت.
لا ألعب بالألفاظ .. أنا أتحدث من رؤيتى للعمل و المؤكد بأن تقديرك له الكلمه العليا.
الدكتور بالأول تخطى أخلاقياته و بدأ رحلة القتل لأجل الحياه , الدكتور بالثانى تخطى إنسانيته و قرر الإنتقام برؤيه شيطانيه بقتل روح من قبل إبنته / روحه أيضاً بإتمام تجربه مرفوضه علمياً على جسد هو أستباحه تماماً كتعويض لما فقد و هنا مربط الإختلاف.
لابد من الحكاية بأن تختلف , فعامل الزمن .. الأخلاقيات .. و توجهات أطقم العمل لابد لها من التأثير بالمحتوى و جودة العمل أيضاً.
الجنس …. مغناطيس الماده , تم إقحامه بالقصه بهدف التسويق و خدمة قضايا أخرى بتلك السنه ولا ملامه كون الأفلام الفرنسيه لها بصمه تختلف عن الأسبانيه و الإيطاليه و الإيرانيه و في ذات المحتوى و لذلك ذكرت بالسابق بإنه تم تصنيف العمل في فئه لا يستحقها كون العمل قُدِم من ثقافه مغايره و أستطيع كسب الرهان فيما لو تم تقديم فيلم ” عيون لا وجه ” بفترة السبعيات لتواجد الجنس و بطريقه فنيه قد تكون أفضل من فيلم أنطونيو.
مقارنتى أتت من تماثل الأحاسيس لدي من سطورك و مشاهدتي للفلم الآخر , تحديداً تواجد الضحيه بشبكة المصائر و محاولاتها للهروب من المصير المحكم معها فالفتاتين ضحايا حوادث .. الأولى أنتهت بالتشوه و الثانيه أنتهت بالموت ,
حبكه الرسائل الموجهه للجماهير بنسخة أنطونيو بتقبل التحول الجنسي شكلاً ثم موضوعاً من بوابه الإنتقام لكسب التعاطف ثم الجنس كعقاب مُقنّعْ بالمكافئه حتى أنتهى إلى وضع طبيعي ثم سبب أساسي للنهايه كانت مجنونه بالنسبه لي.
النهايات أيضا قد تتماثل , في عيون بالا وجه أنطلقت الفتاة للغابه .. إلى الا مكان حسب رؤيه الكاتب أو المخرج بتلك الفترة.
بنسخه أنطونيو نظرة الضحية النهائيه كانت للامكان أيضاً , حي ميت .. معروف مجهول .. التحول للآخر .. حياة الحياه , كلاهم فُرضت عليها حياة قسريه ظلامية.
قد تكون رؤيتى خاطئه لكن الإحساس الناتج من كلا العملين .. واحد و المؤكد بأن كل عمل – بصريا – يختلف عن الآخر لكن المضمون هو ما شدني لوضع المقارنه كونها أضافه لي بُعداً جديداً من خلال كتابتي لهذه السطور.
ملاحظة: لم أتمكن و إلى الآن من إيجاد نفسيه تساعدني لمشاهدة هذا الفيلم ” أفلام الدراما الفرنسية و الإيرانيه ك كوب قهوة خال من أى شئ ” (ت).
o7447o said this on أوت 7, 2016 في 3:41 ص |
بادئ ذي بدء استمتعت كثيرا بقراءة سطورك ..
ثانيا اتفق معك تماما بوجود التشابه في الخطوط العريضه و انعكاس الاحداث على احساس المتلقي .
ثالثا احببت تعرضك لموضوع “الرسائل الموجهة ” في سطورك ، و لا سيما ان النهاية – ربما لم تبقى في راسك – عاد الشاب لوالدته و اخته و حكى لهم و حدث شبه تاثر و استماع له – بعبارة اقصر التقبل له رغم التحول الجذري مستمر – وهنا رسالة موجهة اخرى .
منذ ان كتبت سطوري هنا جلست اقرأ عن الفيلم ، فوجدت ان المخرج طلب بعد عدة ايام من التصوير ان يتوقف كل شئ ليتحدث جابنا مع انتوني بانديرس ليوضح له نقطه في الاداء ، فهو كان يؤدي الدور لكونه رجل ” سايكو ” بما هو مفترض اداءه وفق ما هو متعارف عليه ، الا ان المخرج طالبه باداء اكثر نعومة و طبيعي ، شارحا له بان هذه الشخصيات الغير طبيعيه قد تبدو طبيعة اكثر من اي انسان اخر و لطيفه ايضا .
المؤكد ان سطورك تضيف للموضوع و شكرا للوقت الذي كتبتها به ، و شكرا ايضا لكل عين تقرأ و روح تتفاعل داخليا و ان لم تكتب ، فوفقا للتعداد الزوار ياتون بصمت باستمرار و مجرد ان ترقب وجوههم هذه الشاشات المضيئة و تاتي هنا امر يسعدني ، فشكرا للجميع .
يزيد said this on أوت 7, 2016 في 3:59 ص
شكراً لكم جميعاً، بما فيهم الجيران الذين ساهموا في تداول مثل هذا الكلام الممتع الجميل.
علي said this on أوت 9, 2016 في 8:25 ص |
العفو علي و المدى كله مفتوح لك
يزيد said this on أوت 9, 2016 في 11:13 ص |