احيانا نكون كذلك
في لحظات قصيرة و قد لا تمثل من عمرنا الكثير نغير الكثير !
نخسر علاقات ، سمعة ، و نحطم صورة جميلة قد يكون رسمها الآخر عنا ذات يوم .
قد يحدث هذا في لحظة غضب خال من الهدوء ، أو انفعال خال من التفكير ، و ربما اثناء حالة من الكبرياء المزيف الذي لا يوجد اي شئ قد مسه أو جَرح فيه سوانا ، ربما بسبب رغبة قوية و هوى يضعفنا ، أو اندفاع لا يعرف التريث ، او بسبب حب جانح للغيرة و التملك ، به قد يتم تجاهل الآخر أو يعلو صوت الأنا .
بعد هذه اللحظات التي تبدو عابرة لا تعود الأشياء لسابق عهدها ، حتى و إن عبرت اللحظة فهي تجرف معها الكثير من الحطام الذي حدث ، و تخلف في الروح ندبات و جروح ، تماما كالزجاج المهشم و القبضة التي حطمته و الأنامل النازفة التي تحاول أن تضيف شيئا ما و تصلح عبر محاولة أخيرة تدرك في العمق بأنها لن تجدي !
هذه الصورة العابرة لـ ” بندق” في مجلة ميكي حملتني إلى هذه الحالة و هذا التفكير ، و شعرت بأن عبارته تحمل شيئا لي ، فمن المفترض أن نكون أحيانا أكثر هدوء و انسجاما مع ما يحدث ، أكثر صبراً و تقبلاً ، أكثر مرونة و استيعابا و تجاوزا و تعلماً مما سبق، لكن ما يحدث هو أن نكون أقرب لانفعالنا و لإحساسنا و التصاقا بوجعنا و شعورا بألمنا – و لنا الحق في ذلك احيانا – في هذه اللحظة نأتي بردة فعل قد تبدو سريعة للكثيرين ، علما بأننا وحدنا من يدرك بأنها شبيهة بطعام كان يُعد منذ سنين ، له رائحة تملأ الروح و كنا ندرك ان الغليان قادم لا محالة ، دون ان يدرك من يشعل النيران بأن الانفعال وصل مداه و كل شئ بات في هذه اللحظة قابل للهدم و الكسر حتى و إن كان ذاتنا و قلوبنا !
عندها نردد ليحدث ما يحدث و نحطم المعبد علينا و على رأس من لأجله عشنا عمر نتحمل و نحني له بطواعية رأسنا ، ننهي كل شئ في لحظة ، لنصبح دون أن ندري ذلك الشخص الذي مقتنا أن نكونه يوما ما ، ذلك الشخص الذي لا يحافظ على “شعرة معاوية” و لا يعود بوسعه أن يمد خط عودة بينه و بين ما كان ، ذلك الانسان المتخفي رغم دفئه خلف قسوته و هو يشك بأن عطائه لم يكن في محله ، فيصب جام غضبه – من ذاته – على الآخر ، ببرود قاتل دونما رأفة أو اتزان.