أسد/Lion
اقتلاع
مثل نبتة نزعت من جذرها و عصفت بها الريح الى ان استقرت في قارة اخرى ، تعيش في بيت محمي ، تتكيف معه و يعطيها ، لكن مهما طالت اقامتها تظل البيئة لا تشبه الحقيقة ، و يظل بالذاكرة قصص لا تنسى و حياة اخرى عشناها و حين ضعنا عاشت بداخلنا !
فيلم شاهدته و فتح أمامي باب اسئلة، هل كل ما هو انساني حقا انساني!؟، و هل إن عشنا مع اشخاص و لمدة تفوق عشرين عام سنصبح قادرين على فهمهم كما كنا نفهم أهلنا و أهل بيئتنا بشكل تلقائي و كأنه في الجين!؟.
في هذا العمل تمر بعض الدقائق ثقيلة على المشاهد ربما لصعوبتها و واقعيتها ، و دقائق اخرى لم تتصور و انت تشاهد العمل بأنك قد تشعر بها و تعيشها !
هي حكاية ضياع غير مخطط له و شخص بات تائه و حياة تمر فتأخذ و تعطي و تفرق و قد تعيد ، وفق تراتيب قدرية كُتبت و مثل اشياء كثيرة قد نمر بها و نعبرها و ان اطلنا البقاء.
دهشة
اكثر ما ادهشني من ممثلي العمل ذلك الطفل الصغير الذي يقوم بدور البطل في طفولته، تلقائي، و اكثر تلقائية من ممثلين عده مثلوا معه العمل، و شعوره بالكاميرا شبه معدوم ، فلم يرقبها بعينه او ينظر لها بل تحرك امامها بألفة مخيفة،مبهرة،تثير الدهشة، و كانها ليست عدسة ترقبه لكن احد اقاربه الذين تعود على وجودهم و منذ نعومه اظافره.
تنافس مع الفين طفل تقدموا للدور وفاز بالبطولة من بينهم ، كما لم يحضر العرض الاول للفيلم في امريكا، كون السفارة الامريكية لم تمنحه تأشيرة دخول الى اراضيها، المفارقة الاخرى انه لم يكن يتحدث الانجليزيه عندما بدأ تصوير العمل، و قد تعلم الاساسيات البسيطة عبر الممثلة نيكول كيدمان و الممثل ديفيد وينهام الذين كانوا يلعبون معه “الكركيت” لازالة الرهبة منه و تعليمه ،و قد تم اضافة فكرة هذا المشهد للفيلم لاحقا.
كما حاول صناع الفيلم ان يبرزوا تمثيل و اداء هذا الطفل عبر التركيز على لغة جسده و عيناه و تقليل جمل الحوار له خلال العمل قدر المستطاع، فقط عبارات قصيرة، و تفاصيل كثيرة، و احساس عالي ينعكس على المُشاهد فيتأثر معه .
للزمن و للفقر بطولة اخرى.
الفيلم يبدأ بعد منتصف الثمانينات و يستمر بنا الى زمننا الحالي ، حيث حمل تغير الزمن مفاتيح جديدة و فرص اخرى لبطل القصة الذي تغيرت به الحياة مع مرور الزمن و ظهور التكنلوجيا في حياته.
ايضا كان “الفقر” احد ابطال هذه القصة و المحرك الاساسي لكثير من احداثها، فيبدو كأنه راعي يسلم قطعانه ليد”الظروف” التي بدورها تباعد بين الناس و تجمع ناس آخرين و اطفال عده في اماكن قد تغتال برائتهم و تشوه في نظرهم الحياة.
فيلم به تلتقي الثقافات و لا تلتقي ، ينتقل بها الانسان لظروف جديدة و يطوي ماضيه و لكن تبقي صفحات عديدة في عمق الذاكرة و لا تنتهي، عمل قادر على ان يصيبك “بالضيق” في مشاهد و يدفعك للابتسام في مشاهد اخرى.
مقتبس من قصة حقيقية، الصورة به جميلة ، و شعرت ان هدوء الممثلة نيكول كيدمان في الاداء و الانفعال منحني احساس بانها تقف في “منطقة مرتاحة” حيث تؤدي دونما تفكير بالمنافسة او ما شابه، فقط تقوم بما هو مطلوب منها على اكمل وجه وتمضي و استوقفني ذلك، كما احببت فكرة قيامها بدور سيدة استرالية تتبنى طفلين كونها فعليا و في واقع حياتها كانت كذلك، كما قيل ان ام كاتب السيرة الذاتية -استرالية ايضا- هي من رشحت نيكول للدور و للدقة اختارتها للقيام بشخصيتها في الفيلم لشعورها بهذا التقارب و قد رشحت نيكول لجائزة الاوسكار بسبب هذا الدور البسيط و العميق في ذات الوقت.
عن الطفولة المسروقة
خلال البحث عن تفاصيل اخرى قد اضيفها للموضوع توقفت امام هذه السطور ” يضيع في الهند اكثر من ٨٠ الف طفل كل عام، كما يوجد اكثر من ١١ مليون طفل يعيشون في الشوارع”!
لذا حاول منتجي العمل و بعض شركات اخرى المساعدة عبر اطلاق مؤسسة “قلب الأسد” لتوفير دعم مالي لاطفال الشوارع في الهند و التقليل من هذه الظاهرة التي عنها و حولها تدور اجزاء مهمة في بداية هذا الفيلم .
” شيرو” هو اسم بطل الفيلم و معناه في مسقط رأسه ” الأسد” و من هنا جاء أسم العمل الذي استمتعت بمشاهدته و تأثرت، تم ترشيحه لي البارحة عبر روح محبه، و صادف ان شاهدته اليوم دون ان اختاره مع رفقة اخرى عبر تطبيق نتفلكس حين زرتهم .
رائع!👏🏼
Khaled B said this on أفريل 12, 2019 في 4:56 ص |
🌹 شكرا .
يزيد said this on أفريل 12, 2019 في 5:13 ص |