١رمضان ١٤٤٢ هجريه
+تهاني
كانت التهاني لهذا الشهر تحريرية اكثر من كونها شفويه او صوتيه، مما دفعني للاتصال بالبعض للاحساس بأن بهجة الشهر لم تزل على قيد الحياة و متواجده،.
بعض الردود التحريرية كان عبارة عن قص و لصق، و قلة قليلة كان يوجد برسائلها خطأ في تأنيث المرسل او المستقبل او العكس و فئة اخرى لم تراجع هذه الرسائل قبل اعادة تدويرها فأرسلت اسم من ارسلها لهم مع الرسالة!
بعض اخر كان سريع في الرد و كاننا في حلبة مصارعه، تتلقي رده قبل ان يفتح الفيديو الذي ارسلت او حتى يستغرق الثواني اللازمة للقراءة.
كان الأمر لدى البعض اشبه بتقبيل زوج لوجنة زوجته قبل المضي للعمل، او ختم الموظف لجواز السفر ببرود و آلية محايدة.
الدفء كان قليل في المحيط لكن النفس كانت تواقة لهلال الشهر و بدايته املا في الاختباء تحت عباءته المغزولة ببركة الهية لمن قدرها و احسن ارتدائها.
فالروح قد تهدأ و الجسد قد يرتاح، و العائلة التي لم يجمعها منذ وقت مائدة واحدة، تلتقي من جديد مع آذان المغرب و تصب حسائها من ذات الاناء.
+شكرا فودا فون
عودة شريهان عبر اعلان تعد خطوة ذكية بها تقيس مدى تلقي الجمهور لتواجدها من جديد، و فعليا يعد هذا الاعلان الفني جدا صعب من حيث التلقي للمتفرج الذي اعتاد على رقص و اداء معين وفق برواز محدد كان يشاهدها به، مثل الفوازير او المسرحيات الاستعراضية، فكان البعض يتصور قفز شريهان، و هزة خفيفه من الوسط، خاصة لمن يحب رقصها الشرقي، و تفاصيل اختزنت في اللاوعي على مدى سنوات.
لكن لم يتصور احد ان تملك شريهان هذه القوة في سرد قصة حياة بشكل مختزل، و عميق، و فني، و ليست حياة من محض خيال بل ظروف تعرضت لها في واقعها، و هو العمليات الجراحية المتعددة، و حادث السيارة الشهير، و في اغلب الاوقات يتحاشى الانسان ان يسرد بعض ما تعرض له من مصاعب، و يخفيها كي لا يستعيد طعم مرارته على شفاه واقعه من جديد، لحظات الوحدة و الألم، مواجهة ظلال المشاكل المتكاثرة حولك، الصحافة التي تسن سكينها كي تبيع، و الاماني التي على سرير المرض قد تتلاشى و تضيع، الارتباك في اخذ القرارت المصيريه، من استئصال عضلة فخذ و زراعتها في الوجه، و تشريح جسد كامل تحت مسمى عملية، اشياء في الداخل تحدث و قد ترهق و تدمي اكثر من المشارط الجراحية.
ان تواجه الكاميرا بخدها الذي اصيب برأس مرفوع، و كأنها تقول بصوت غير مسموع، هذا الامر الذي قد يبدو للاغلبية انه اخذ مني في حقيقته اضاف لي الكثير، و بات كجوهرة اعتز بها و لا اخفيها، معه ادركت جوهر الحياة، و ان الاشياء رغم طول وجودها مؤقته، من خلال التعب و ما حدث قد اقترب اكثر من خالقي اكثر، و ادرك الاشياء المهمة في حياتي، و طبيعة الارواح التي تحيطني، و اقيس ابعادا ربما لم و لن ادركها لو لم امر بهذه الظروف.
كان الاعلان بعيدا عن البهجة المعتادة رغم دعوة الامل التي به، كان قريبا من الواقع رغم سحر الضوء و اللمسات الفنية العديدة به، كان في منطقة جديدة بها نرى شريهان اخرى، تغيرت من الداخل و باتت اختياراتها اقرب لما تحبه و تود ان تظهربه، عمل به ترى تأثرها باجواء الفيلم الاستعراضي و بالتحديد في مراحله الذهبية مثل الغناء تحت المطر لفرانك سناترا، ترى ايقونة تحدي و امل، تتحرك بصخب اقل و بنضج اكبر، حتى الاداء الصوتي بات به قدرة مختلفه و احساس اعلى، لندرك ان الطفلة التي كبرت امام اعيننا اصبح لديها ما تود ان تقوله اليوم رغم الالم و بشفافية، كانت تشبه يرقة تتحرر من شرنقتها لتغدو فراشة ملونه و تخطف العيون.
مشهد العملية و الحادث و الهدوء الموسيقي و الحركات الراقصة التي تم تنفيذها باحتراف عالي و وجهها المعبر و جسدها المستسلم حين رفعوا شعرها و تم القائها على السرير للبدء في التشريح تماما كما فعلت الصحافة و الاعلام و الناس لعمر كامل، كل هذه التفاصيل و الصور المستدعاة من الذاكرة اثروا بي، ايضا ملاحقة الظلال لها كالمشاكل المسترسلة و هروبها ذكرني بافلام ديزني المليئة بالابهار و بالتحديد قصة اليس التي ضاعت في بلاد العجائب و مع هذا عاشت و نجت، رقصها مع ذاتها امام المرآة، و محاولة اخراجها من دائرة الاستسلام عبر التذكير و الحوار و استدعاء الماضي عبر الحوار الذاتي بين الفرد و نفسه و الذي في اغلب الاحيان قد يشبه رقصة، كلها تفاصيل فنية بدت للرائي بسيطه، لكنها عميقه و فنية و تستحق ان ترى اكثر من مره لفهم الاعلان و استيعابه و من ثم الاستمتاع به.
هنا فن خالص و صافي، لا اغنية مهرجانات أو فزورة من الفوازير، هنا شئ يتجاوز الكثير مما شاهدناه لها، و من المحزن ان يكون هذا الجهد الفني في اعلان و يمضي و ينسى، لكن ربما ما سيبقيه لعمر اطول هو اسم الروح التي ادته و عاشت و عانت و لم تزل تبتسم و تعيش.
شكرا فودا فون فقد اعدتم لنا و لو لدقائق وجه رمضاني نحبه و عشنا معه ليالي من حياتنا، وجه ارتبط ببهجة الثمانينات و زمن فات، كنا نرى ذاتنا اليوم و نحن نراها، نرى العمر كيف يمضي بنا، و نرى كيف الانسان بفضل الله قادر على تحدي الحياة و ذاته لكن متى اراد ذلك.
+كلمة لرامز جلال
لن اقول انسانيا فحسب ، فربما امام جاذبية المادة يقل مستوى الانسانية، و ليس بالضرورة ان يكون كل البشر ذوي احساس، لكن انقل العبارة التالية من موقع الاسلام سؤال وجواب و الذي يشرف عليه الشيخ صالح المنجد :
( ثبت في الشريعة من تحريم ترويع المسلم وتخويفه ولو كان على وجه المزاح واللعب ، كما روى ذلك عبد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهُ ، فَفَزِعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا ) رواه أبو داود (رقم/5004) ) .
فإن كان هذا التخويف حقيقي فقد اثمت، و ان كان تمثيل و معد فقد نشرت و شجعت فكراً سلوكي قد تؤثم عليه و نقطة .
+الغائبون
حين شاهدت اعلان شريهان تذكرت وجوه غابت من حياتي و ابعدتنا الحياة !
و لا ادري حقا هل هي الحياة فعلا ام اننا من نفعل و نعلق على مشجب الايام افعالنا.
تخيلت الحديث الذي قد يدور، الجلسات المشتركة، التلقائية التي كانت، و الوضوح و الراحة.
اليوم حتى لو اجتمعنا لن يكون الامر مثل السابق، فهناك الكثير الذي كسر بداخل كل منا و هناك التوجس الذي بات يحيا بداخلنا.
و تفاصيل عديدة قد تجعل اللحظة اثقل من السابق و مع هذا اقدر و احترم من يسعى دوما و من يحاول.
+قبس لهذا المساء
“ولولا جبر الله ولُطفه لتوقّفت الحياة عند أوّل إبتلاء ،فاللهم لك الحمد أن أحطت قلوبنا الضعيفة المكسورة برحمتك وسكينتك “.
+كلمة اخيرة
احيانا كل ما يحتاجه الانسان في بعض الاحيان … حضن.
اضافة :
- قبس لهذا المساء سطور قرأتها و احببت ان اضيفها هنا كالاعلان.