شروق مباغت
البارحة بعد الفجر وصلتني رسالة على الهاتف اثناء فتحي للنوافذ لتجديد الهواء في هذا الوقت الهادئ ، حيث لا رائحة شواء من اماكن قريبه او طهي ، قمت باعداد كوب من الشاي و عدت لمكاني و قرأت الرسالة لأكثر من مرة !
فتوقيت ارسالها لي الهياً كان غريب و لامس شيئا عميق في نفسي و شعرت بأنه قد يكون هناك شخص آخر في هذا المدى ينتظر سطور كهذه ليقرأها ، لذا أحببت أن اضيفها كما وصلتني ، و شكرا لمن كتب التغريده في البدء لكونها الهمت كاتب السطور ، و شكرا لمن ارسلها و قبل كل هذا شكرا لله دائما و ابدا و ها هي الرسالة :
( .. استوقفتني تغريدة “لا تسمح لشيء أن يقتل كل شيء”
تكون ردود أفعال البشر أحياناً فادحة ، يحرمون أنفسهم من كل شيء لأن شيئاً واحداً فقط قد خذلهم ، لا تنفض يدك من الأمر برمته لمجرد أن أحد تفاصيله لا يعجبك ، فهذا من نقص الحكمة ومن سوء تقدير المواقف ، إن وجدت في نفسك شيئاً من ذلك فراقبها و امنعها من أن تمارس هذا الظلم عليك ، و في هذا السياق ثمة قاعدة تقول “ما لا يُدرَك كُلّه لا يُترَك جُلّه”.
سألت صاحبي يوما: لو عاد بك الزمن إلى الوراء أي خطأ كنت ستمنع نفسك من ارتكابه؟
فأجاب بلا تردد: ترك الجامعة ! ، ففي عامي الدراسي الثاني أساء لي الأستاذ الجامعي بكلمة جعلتني أتشاجر معه وأقرر بعدها بتهور أنني قد اكتفيت من الدراسة وسأتجه للعمل ، أعلم اليوم أن ذلك كان أغبى قراراتي على الإطلاق ، وددت لو أن أحداً أقنعني بالعدول عنه.
حقاً لا تسمح لشيء أن يقتل كل شيء،
من خانك لم تقتل خيانته فرص الحب الأخرى التي ربما يكون أحدها أمام عينيك ، الصديق الذي خذلك لم يلغ الصداقة التي مازال الكثيرون يستمتعون بدفئها ، الموظف الذي آذاك لا يبرر أن تترك وظيفتك الحالية بكل مميزاتها ، الوطن الذي ظُلِمت فيه لا يعني أن تنفض يديك منه وتهاجر لاهثاً خلف هوية لن تجدها في أي مكان آخر.
الأمر ذاته ينطبق على العلاقات الإنسانية ، فمن كره من زوجته خُلقاً رضي منها آخر ، لكن الكثيرين سمحوا لعيب واحد في الشخص أن ينسف كل مميزاته ، لا أنكر أن بعض العيوب لا تطاق ، لكن ثمة مميزات تجعلنا نتنازل عن تمسكنا بصفات أخرى ، وفي هذا السياق يقول الإمام الشافعي تَسَتّر بالسخاء فكل عيبٍ يغطّيه كما قيل يخفيه السخاء ، العيش في جلباب الأمس ليس السبيل الأمثل لنمضي في هذه الحياة ، علمني الوجع أن الكمال في الجنة وأن علينا أن نتأقلم مع نقص الدنيا ، هذه دعوة لمداواة الجروح قدر الإمكان كي لا تزحف آثارها إلى أبعاد حياتنا الأخرى ، فالحياة أكبر من أن نختزلها في حدث واحد ، كالبحر الذي مهما طفت على سطحه بعض الوريقات يظل عميقاً في أحشائه الدُّر كامنٌ ، إنك حين تعطي الموقف أكبر من حجمه تتضاءل قيمتك كإنسان في مواجهته و هذا من الضعف .
🌷🌸🌸🌷🌸🌸🌷🌸🌸🌷 ) .
اضافه :
+ بعد بحث قصير و جدت هذه السطور للسيدة عائشة العمران حيث ذكرت أن من كتب عبارة ” لا تسمح لشئ أن يقتل كل شئ ” هو الشاعر فهد المنخس ، للمزيد اضغط هنا .
+ عند الانتهاء من قرأتها لاكثر من مره بعد وصولها رفعت وجهي صوب النافذة فوجدت ان الشمس اكتمل شروقها و لمست بعض ضوئها داخل نفسي بشكل مباغت !










قام بإعادة تدوين هذه على أثَرٌ.
إكرام said this on أفريل 21, 2015 في 4:13 ص |