من داخل الاطار

19jun2016fff

نتحرك تحت نفس السماء ، نرقب الطيور ذاتها ، و السحب التي تمر فوق رأسي تعود لتعبر رأسك ، و مع ذلك لا نلتقي ، لا نتحدث ، و لا نفكر بذلك .
ما نفكر به هو كل ما كان بيننا ، ما حدث ، و بداخلنا سؤال “ماذا يفعل الآن ؟ ” .
افترقنا لأجل اعتبارات كثيرة ، و ربما لأجل سوء تفاهم ، و ربما عن عمد .
ابتعدت خطانا ، مضينا في اتجاهات مختلفة ، برغم سيرنا على طريق واحد ذات مساء ، في ليلة  اسقطنا بها اعتبارات كثيرة ، و ليل به العاطفة سبقت التفكير ، تدفقنا و عرفنا عن بعض الكثير في وقت قليل ، و بعض ما عرفناه كان كفيل بأن يضع المسافات بيننا ، يثير في اعماقنا اسئلة عديدة ، شكوك ، و ” قال و قيل ” .
ارتبكنا حين تعارفنا ، تاهت بنا الدروب ، ما بين رغبتنا التي نحلم بتحقيقها و بين الاطارات التي يجب ان نلتزم بحدودها و نعيش بداخلها .
كان المدى مفتوح لكننا كنا نهاب الريح ، ندرك بأن تعلقنا بغصن اللقاء لن يديمه ، فهو غصن قابل للكسر ، جاف ، لا يزهر ، لا تزين امتداده ورقة خضراء واحده ، حتى الشجرة التي يمتد منها و نستظل بظلها هي في عرفهم ” ملعونة ” ، ميتة رغم وقوفها منذ زمن ، موبوءة ، و مجرد الأقتراب منها أو الانتماء لها كفيل بأن ينقل كل الموبقات التي تزحف على جسدها و تنخره كالحشرات الصغيرة إلى أجسامنا النابضة بالحياة فتمرضها و تعييها .
لم يعلموا بأن الاعياء قد أتى مع هذا الفراق ، و أن الألم الذي انتاب قلوبنا لن يُنسى ، قد نعيش ، لكن اقبالنا على الاشياء لن يكون بنفس الصدق ، و سوف نسير على كافة الدروب بحذر مخافة طعنات جديدة .
هو مساء واحد ، ساعات معدودة ، لكنها كانت كفيلة في تغيير خريطتنا الداخلية ، و النفاذ الى أعمق نقطة بنا ، لترك بذرة الوجع تنمو بداخلنا ، و كلما كبرت أو امتدت براعمها انتابنا انكسار ما ، و عدم قدرة على تحديد أو فهم ما حدث !!
ندرك بأن في أستمرارنا و بقائنا أذيه ، كما نعلم تماماً أن فراقنا أذية ، عشنا التجربة و كنا مثل من يخيرونه بالموت شنقاً أو على مقصلة ، هو قد يتصور انه مخير و يملك القرار ، ثم يعاتب ذاته على هذا الأختيار ، في لحظة شوق مباغتة أو ألم عابر ، لكن كلانا كان يعرف الحقيقة ، و هي بأن الموت ينتظرنا في آخر الطريق ، و أن الانكسار أمر مسلم به في هذا المشوار .
من يعي الأمر جيداً قد يدرك بأن كسره سوف يُجبر أو ربما خلف أثر ما ، و سيحرص على أن يتعافى ، كي يركض و يعوض ما فاته و يكمل المسير .
في هذه الليلة اتأمل السماء التي أعتمت مدركاً بأنك هناك ، كنجمة بعيدة قد لا أراها ، لكنها موجودة في المجرة ، و أعرف أن لها مكان تعيش به ، و أنها في مكان ما تشعر بي ، و تذكرني .
في هذا الكون تعلمنا كيف أن نكون معاً دون أن نكون ، و كيف أن نستحضر في الوحدة أحبتنا ، نشم رائحتهم ، و نعرف كيف يرتبكون ، و متى ترتجف الجفون ، نعي أدق التفاصيل التي لم نكن نلمحها اثناء اللقاء ، تخرج من اعماقنا و كأنها أختزنت لوقت كهذا ، و لزمن به تتباعد الأجساد و تتواصل الأرواح دونما اتصال .
ختاماً دمت بخير داخل الاطار ، بعيداً عن حياتي و بيتي و عنواني ، كما أني أرسل لك محبتي و تقديري و احترامي من الاطار الثاني .

~ بواسطة يزيد في جانفي 19, 2016.

2 تعليقان to “من داخل الاطار”

  1. حزينة … كـ كلمات قالها ناي وصمت للأبد.

اترك رداً على يزيد إلغاء الرد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.