واحة الغروب

19dec2016ffd

انهيت قراءة الرواية اليوم ، احببت غرائبيه المكان بها ، و مزج هذه الشخصيات المتناقضة في سماتها الشخصية و طباعها الانسانية و بنائها الثقافي المتكون عبر تجربتها و الاماكن الاتية منها ، و من ثم وضعهم في مكان واحد تغلفه المعتقدات المتوارثة و تسكنه الوحدة و تملؤه الغربة في صحراء شاسعة ، هو امر يستدعي الوحشة و يوقظ الفضول و يستدعي التركيز في هذه النماذج التي اتى كل منها الى هنا بسبب أمر يخصه و يختلف عن دوافع الآخر .
ذلك البعد التاريخي للاماكن ، و الاحساس بأن جثث كثيرة عاشت هنا ، و ان شبح الموت يسكن رياح القرية و يؤجج شعور غريب داخلك وان تتابع الزوجة الايرلنديه التي تبحث وفق حدسها عن اثباتات تؤكد أن الاسكندر دفن هنا ، العلاقة مع اختها و علاقتها بزوجها و علاقة زوجها المصري بذاته و بالوطن و بمهنته و اهالي القرية الذين يعانون من انقسام داخلي فيما بينهم ، هنا عدة رؤى سياسية تنام تحت غطاء هذه السطور الممتده كصحراء تبدو في امتداد لونها الواحد مخيفه و سهل ان تضيع بها الروح و الذات و تسقط المبادئ احيانا و الكثير من القيم .
حديث الاسكندر المقدوني مع ذاته في فصل عابر كان مؤثر ، لكونه يستدعي الابعاد النفسيه لهذه الشخصية و يشرحها بشكل انساني ، ايضا وجدت هنا معلومات جديده – بالنسبة لي على الاقل – فلم اكن ادري بأن الفرس احتلوا مصر واخرجهم الاسكندر الذي تروي “قصص” الرواية عدم وضوح مكان دفنه الحقيقي او اين بات قبره اليوم .
هي رواية تحكي صراع الانسان مع رغباته و ذاته و تاريخه و ماضيه و كافة التفاصيل التي تربطه و تشده الى حياته التي قد يكون و بكل بساطه يتمنى الفرار منها و انهائها ، تلك الحياة التي جرب بها بطل القصة كل ما استطاع تجريبه و مع هذه يظل خواء كبير يملأ روحه و فقدان عميق لكل من عبروا و لم يعرف قيمتهم الا بعد الرحيل .
رسم الشخصيات و بالتحديد محمود بطل الرواية و زوجته كان جميل و ايضا القصص التي كانت تحكيها اخت الزوجة كانت جميلة و تشبه استراحه أو فاصل نخرج به عن اجواء الرواية التي تلمح لون الغبار في تفاصيلها بينما تلمح العديد من الالوان و قصص الاطفال في حكايات اخت الزوجة .
ما دفعني لشرائها و قرأتها معرفتي بأنها سوف تتحول هذا العام الى مسلسل تخرجه كاملة ابو ذكري ، و يمثله كل من منة شلبي و خالد النبوي و آخرين ، اجد ان تحويلها الى عمل فني – و بالتحديد مسلسل – تحدي ، فاجوائها و بعض تفاصيلها صعب ان تنقل ، لا سيما كل ما هو وجداني و يدور كحديث بين الشخصية و ذاتها ، حيث تشرح احاسيسها اتجاه الاماكن و الاحداث و الافراد ، كما شعرت أن وضعها في قالب تلفزيوني يقتل فرصة وضعها في قالب سينمائي قد تكون به المؤثرات أقوى و الصورة أجمل و أكثر كلاسيكيه .
لن اسرد الكثير من التفاصيل كي لا احرق القصة على من يود قرأتها او مشاهدة المسلسل ، هو كتاب مختلف ، لكن اسلوب بهاء طاهر- على الاقل بالنسبة لي – ينقصه الترفيه لكنه بالتأكيد موصل جيد و واضح و امين ، حيث يجعلك تستطيع استحضار الصورة بسهولة ، و بمجرد دخولك في تفاصيل الرواية تشعر بانك تتلصص على زوجين في رحلة استثنائيه اتت في ثوب مهمة عمل ظاهرها ترقيه و باطنها عقاب ، هذا التلصص يصل مداه الى تفكيرهم و رؤيتهم الخاصة لأنفسهم و للاشخاص الذين يحيطونهم ، للقرية و سكانها و لكافة الاشياء !
في انتظار العمل الذي لم أحب نهايته ، حيث كانت اقرب الى هدم المعبد او انهاء الشئ بطريقه مربكة ، لكن ما يحسب لها انها لم تكن متوقعه و انهت علاقتك بشخصيات تعلقت بها و مضيت دون أن تعرف ما الذي حدث لهم أو كيف سارت بهم بعد ذلك الأحداث !

~ بواسطة يزيد في ديسمبر 19, 2016.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: