في قبضة من …
هذا القلب المختبئ في جسدي، الكائن في صدري، السجين خلف ضلوعي، القادر على النبض و مساعدتي على السير في الحياة، كثيرا ما اتسائل حين تعصف به المخاوف، و تنعكس عليه الظروف المحيطة، أو يؤثر به الخيال الجامح، و يبدأ في الانقباض و كأني سوف احتضر، و كأن يد غليظة و قاسية تطبق عليه بأنامل باردة من حديد، ليس لصاحبها عيون ترى ضعفي، و لا أذن تفك شيفرة التنهيدة التي تنسل من داخلي و كأنها جزء من روحي أفقده و يتلاشى بعيدا عني !
شئ يحدث يجعل الأيام ثقيلة، و اللحظات طويلة، و الإحساس بالأشياء يتغير، حتى أنا أتغير، و قد أشبه إشارة مرور انتزعتها الريح و أفقدتها أضوائها و لغتها، و باتت مجرد قطع معطلة من المعدن، لا تقول للآخرين شئ و ربما باتوا لا يكترثون لها بعد وقوعها!
في وقت كهذا قد تبحث عن قبضة أخرى، تثبت قلبك الذي يكاد يُنتزع من داخل جوفك بأوردته و شراينه.
قبضة رحيمة ربما لن تراها و لكن قد تشعر ببعض الطمأنينة لمجرد التفكير بأنها قريبة و بأنك لست وحدك!
قبضة الله الذي قد تنساه في رحلة حياة تسرقك و تشغلك و تتكاثر بها عبر كل شئ، تجمع أكثر من قدرتك، و تبدد أكثر من استطاعتك، و تزيد على المزيد الذي قد يكون عندك، و هذه الزيادة ليست بالضرورة مادية، فقد تكون متع، معاصي، ذنوب، أمور عديدة قد تميت قلبك و تفقده احساسه الفطري بالأشياء، و لا يوقظه من سباته الا هذا الخوف العابر، حين تمتحن في صحتك، في مالك، في بعض من تحب، أو بعض ما تملك و لم تشعر بأنه مؤقت، تهتز مركبة الاستقرار، و شراع سفينتك تقوده يد الرياح القادمة لا يدك، يصبح الغرق فكرة و احتمال، و تصبح النجاة حلم في بعض الأحيان صعب المنال.
تدرك أن ليست كافة الأمور بيدك، و بأنك أضعف مما تتخيل، و ربما أقل قدرة على التحمل و التكيف، تثقل انفاسك رغم أن نسبة الأكسجين في جسمك سليمة، تشعر أن أشياء كثيرة كانت تهمك و كانت تستهلكك لم يعد لها قيمة، و ربما تغار من آخرين كان التكاثر لديهم يطمئن قلوبهم و يقربهم من الاستقرار أكثر، ارواح اكثرت من العطاء لوجه الله و استزادت في الخير، كفت عن أذية الآخرين و كتمت غيظها،ترفعت و أمسكت لسانها، قلوب تدرك أن ما يعبر لن يكون سوى ابتلاء و امتحان و لن يكون غضب من الله أو يقظة قلب كان اقرب للموت منه للحياة!
في لحظة كهذه قد تدرك بأنك سلمت قلبك بكامل ارادتك لقبضة الأهواء، و لم تضعه في قبضة امينة تعينك و تعينه!
تدرك بأنك بعيد حتى عن ذاتك، بوجوهك المتعددة، و اقنعتك، و مبادئك المتضاربة، و موروثك الذي لم تفكر به أو تنقيه، تثقل كاهلك بما يراه الآخرين صواب و إن لم يكن كذلك، و تبتعد عما أنت مقتنع به، و قد تصبح الأشياء بداخلك تناقض ما يتفوه به لسانك، تخشى أن تصطدم مع ذاتك، و تشقى بها و تشقيك!
ستأتي “لحظة ما” فيها أنت ستقف على رمال متحركة و لن يسمح أحد أن تتكئ عليه، فتربة حزنك لن تعنيهم، قد يلقون اليك وردة، يواسونك بكلمة و يحاولون من بعد، في وقت كهذا ستدرك أنت كل شئ، و ربما ستتحمل راضياً، أو تحاول أن تعيد قلبك للقبضة التي خلقته لتعينك عليه!