استيراد شرقي تصدير غربي

للالحان العربية جاذبيه وبها تجديد للاذن الغربيه ، تماما كما تجتذب الموسيقى الغربيه بعضا من شباب الشرق منذ زمن وحتى الان ، وقد ذكر الموسيقار الراحل عبدالوهاب في كتابه رحلتي التالي ” … انا دائما اقول ان للعرب كنزين ، هما كنز البترول وكنز الموسيقى ..او بمعنى ادق الألحان العربيه ، وقد تنبه الغرب الى كنز البترول فاستثمروه  و عصروه و سيعصرونه .. وسيظل الغرب يعصر هذا الكنز الى ما شاء الله .

وللآن لم ينتبه الغرب الى كنز الالحان العربيه ، ولكنه تنبه الى الايقاعات الافريقيه والالحان الاسيويه . والرومانسيه في الحان امريكا اللاتينيه وعصروها و استثمروها .

وهم الآن يبحثون عن كنوز موسيقيه اخرى … وسوف يجئ دورنا وينتبه الغرب الى كنز الموسيقى العربيه وسيستثمرونها ويعصرونها كما عصروا البترول .. ” .

وقد اتى دورنا هذا منذ وقت ، وللاسف بعض ممن انتبه الى كنوزنا  لم يستخدمها كايقاعات منفصله او كاضافات بل قام بسلب جمل لحنية كامله دون ادنى اشارة لذلك ، متجاهلا في اغلب الاحيان المؤلف والفنان وكل من اجتهد و دفعه الى حد الاقتباس اوالاستخدام الجائر مسقطا كافة  حقوقه سواء كانت ماديه او معنويه.

اما بعض شبابنا المنجذب للغرب بشكل شبه كلي – لا يقرأ كتب عربيه او يستمع للموسيقى العربيه – قد يتصور ان هذه الادوات الشرقيه مجرد ادوات مصاحبة ، اما الجمل اللحنية المضافه هي ابتكار و نتاج غربي صرف قد يعجب به ويطريه ،  والمحزن انه ان سمع اللحن الاصلي بعد ذلك صدفة في محفل عربي او اذاعة او تلفزيون تصور واصر لشدة ايمانه بالآخر  اننا من اقتبس منهم لا العكس وان اتيت له بالبرهان وبانه وفق تاريخ العملين نجد ان العربي قد صدر اولا ، يتلاشى هذا الاعجاب وربما شكك وقال ” ما الذي يضمن لك عدم وجود لحن ثالث سبقهم جميعا واقتبس كلاهما منه ! ” .

وهو في هذا قد يلام بعض الشئ على شدة انبهاره بالاخر و جهله بثقافة تحيطه و لم يتفاعل معها او يتعرف عليها ، في الوقت نفسه لا يلام نظرا لوجود كثير من الاسماء العربيه الشهيره باتت تدفعه لتصور ذلك و تثير الشبهات حول ثقافتنا واصالتنا خاصة حين تاخذ جمل لحنية كامله يعرفها جيل جديد مطلع و دون الاشارة الى المصدر الاصلي ، بل والمدهش  انهم احيانا  يكتبون اسم ملحن عربي دون ادنى تردد ، علما ان اللحن ليس له بل غربي من اوله لاخره وقد تم نقله كاملا كما صدر اول مره  فلم  يتوقف  على جملة  لحنية  قصيره  تسخدم بمقطع صغير فحسب بل كامل اللحن وبتوزيعه الموسيقى احيانا ، متجاهلين اخلاقيات التبادل الثقافي التي كانت متبعه سابقا ومستخفين بثقافة الجمهور او ربما معرفته واطلاعه .

ففي عصر سابق قام الرحابنة بتعريب اغاني غربيه كامله مثل غرباء والليل لـ فرانك سناترا وغيرها مشيرين للمصادر بكل وضوح ، كما انهم كانوا يضيفون جزء من ذاتهم لاي عمل يأخذونه ، فقد نظموا كلمات شعريه للحن السمفونية الاربعين لموزارت لتخرج اغنية ” يا انا يا انا ”  بصوت فيروز وهي مكللة باسم الموسيقار دون ادنى نكران لذلك ، وقد كانت هذه  المرحلة  محطة من  محطات  التجريب  في رحلتهم الفنية التي امتدت لاكثر من ثلاثة عقود .

من ضمن الاغاني الشرقية التي استخدمت في الغرب اغنية  صدرت في التسعينات وبالدقه عام 1993 ميلاديه وهي اغنية بتنونس بيك للفنانة ورده الجزائريه والتي عادت بها الى احضان الاغنية القصيره بعد غياب ، مغادرة الاغنية الطويلة في محاولة كانت ذكيه لمواكبة العصر والاستمرار ، وقد كان الملحن صلاح الشرنوبي امينا في مساعدتها للانتقال حيث وضع لها عمل يقترب من منطقتها الطربيه ولكن بطريقة عصريه ، هذا اللحن وبعد عدة اعوام استخدمت بعض جمله الموسيقيه في اغنيتان الى حد معرفتي حتى الان وقد صدرتا بعد الالفية الثانية اي بعد العمل الاصلي بوقت وهما اغنية للفنانه الراحلة آليا بعنوان ” لا ادري ما اقول ” واغنية فرنسية بعنوان ”  Benti ” للشاب خالد مع المغنية ميليسا .

ولـ آليا اغنية اخرى عنوانها ” اكثر من امراه ”  اخذت خلفيتها الموسيقيه من اغنية ” قالولي انسي ”  لميادة الحناوي ، اما العندليب الاسمر عبدالحليم حافظ فقد استبيح مقطع البداية من اغنيته خساره خساره والتي غناها في فيلم فتى احلامي وهي من تلحين بليغ حمدي  ليتكرر عدة مرات في اغنية ” Big Pimpin ” من غناء  جي – زي .

واغنية الاخير مع اغنيتا آليا قام بوضع الرتم العربي لها  تمبلند الذي كان يقوم بالتركيز على الالات الشرقيه وخاصة الطبل الايقاعي ويمزج كل هذا مع الموسيقى الغربيه .

ايضا اغنية ” Galvanize ”  للثنائي البريطاني  الموسيقي ” اخوة الكيمائي ” والتي كانت من ضمن البومهم الخامس و صدرت في البدء اسطوانة منفصلة عام 2005 ميلاديه لتنال المرتبة الثالثة في افضل المبيعات الموسيقيه البريطانيه ، واستمر نجاحها لتفوز  عام 2006 بجائزة غرامي العالميه لافضل اسطوانة راقصه ، واستخدمت كخلفية موسيقيه  لاكثر من فاصل تلفزيوني اومقدمة برنامج  مثل برنامج التغطية الاخباريه الخاص بكرة القدم و الذي يقدم مساء الاحد على قناة ان بي سي البريطانيه وكان هذا في عام 2008 ميلاديه ، هذا اللحن المستمر النجاح لسنوات  استعان بتيمة موسيقيه مصدرها الاصلي الموسيقى المغربيه وبالتحديد تكرار لمقاطع من اغنية “ كدبه باينه ” للفنانة المغربيه نجاة اعتابو .

هذا كلام قليل عن بعض الاغاني المقتبسه من العربيه ، اما عما اقتبس من الغربي للشرقي فهو بالتاكيد ايضا عديد والمؤسف انه كما ذكرت سابقا يؤخذ بالكامل في بعض الاحيان  ولا يستعان به كمقطع يضيف للاغنيه الاصليه ويسلب دون تنازل او حفاظ لاي حقوق او ذكر لاسم مؤلف حقيقي للحن ، عن هذه الاغاني وعن هذا التبادل الثقافي الغير منظم قد اضيف موضوع آخر باذن الله  يتحدث عن  بعض ما نهله الشرق من الغرب في محاولة لتوثيق واعادة القليل من المستباح الى مصادره الاصليه .

~ بواسطة يزيد في مارس 17, 2010.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.