دعوه عبر المحيط

قبل البدء باي شئ  … شكرا .

كنا نعلم منذ اسابيع ان في هذا اليوم سنجتمع لنحتسي شاي ما بعد الظهيرة  معا ، ربما البعض شعر انه سيكون اقرب الى الالتزام و اداء الواجب وظل يحسب الوقت لينتهي من الأمر ، بعض آخر ربما تحمس لهذا الاجتماع او كان ينتظر ما الذي سوف يقدم اوكيف سيكون وما شابه ، لكن المؤكد ان جميع من حضر سيتذكر تلك الساعات سواء استمتع بها ام لا !

كان الداعي اخي الذي حجز لنا المقاعد بالعدد عبر الهاتف من مسافات بعيده تتجاوز الحدود التي نتحرك داخلها في قارة اخرى ، وضع بطاقته الائتمانية تحت تصرف المطعم الذي يعد واحد من افضل الاماكن في المدينة وسوف يحتسب قيمة الدعوه سواء  حضرنا او اعتذرنا .

وقد فعل ذلك حين سئم من تكرار اسم المكان حينا واقتراحه علينا احيانا ، وما زلت اذكر رغبته في تناول شاي ما بعد الظهيرة هناك  في وقت سابق لكنه لم يتمكن من ذلك كونه لا يقدم الا في اجازات نهاية الاسبوع وبالتحديد في يومي السبت و الاحد ولوقت قصير من الثانية الى الثالثة والنصف فقط  .

المطعم ملاصق لفندق ( الماندرين اورينتل ) بمدينة بوسطن  ويرتبط معه بممر داخلي يتشعب ويمتدد الى ان يصل الى المراكز التجاريه المحيطة به ، قوائم الطعام به خاصة و تقدم باوقات معينه ، فهناك وجبات للعشاء و اخرى للغداء ، وفيما بينهما يقدم الشاي وفق الطريقة الانجليزيه مع بعض التعديلات ، فقد كان الطعام يميل لمدرسة الطهي الفرنسي المعد بروح امريكيه حديثه تجعله ليس فرنسي تماما ولا امريكي كما هو متعارف عليه بالشكل الدارج .

كنا ثمانية افراد من بلاد مختلفه واعمار مختلفة ، وتركيبات شخصية تختلف بقدر ما تتلاقى ، وكان الحجز لسبعة اشخاص ولم تكن هذه مشكلة كون الامر قد تم حله سريعا دون حدوث اي جلبة او ضجيج بالمكان الذي يغمره هدوء ما وتدخله الشمس من كافة الجهات ، كانت النوافذ الزجاجيه كبيره والستائر غير مغلقة ، وكان الرمادي يلون المكان عبر جلوسه في المقاعد وامتداده فوق الارض عبر البساط الذي استلقى تحت اقدامنا مرحبا بنا وبكل من يأتي ، مخفيا اي علامات او خطوط داكنه قد تخلفها الاحذيه في نهايات الشتاء .

المفارش البيضاء اضائت الموائد مع ادوات المائدة الفضية والسكريات التي كان يستخدمها بعض المتواجدون فتعكس اثناء حركتهم اشعة الشمس المشعة و القادمه بعد غيوم والمتسلله على استحياء جاعلة الضوء يتراقص بشكل هادئ قد لا يلحظه الكثيرون ، اما اللوحات التي اتكأت على الجدران وتعلقت كانت نوافذ تحمل من يتأملها لعوالم اخرى .

تم افتتاح المطعم لاول مره في عام 1978 ميلاديه في شارع بويلستون و انتقل عام 1982 الى منطقة الباك بي ، ليعود بعد مرور ستة وعشرون عام للشارع الذي كان به بعد افتتاح المبنى الجديد للفندق في عام 2008 ، وقد تم الاستعانة بشركة بروجكت المتعددة الابعاد في مجال التصميم الخارجي والداخلي والديكور لتنفذ وتصمم المكان .

قام المصمم مارتن فيترا بتقسيم الجلسات الى اربع حجرات ، الغرفة الاولى الصالون  وبه يوجد بوابة المصعد وبعض المقاعد للانتظار او ما شابه ، تاتي بعد ذلك غرفة ” الزاوية ” وهي التي جلسنا بها في ذلك اليوم ، ثم الغرفة ” الكرستاليه ”  وهي التي تعشيت بها مع عائلتي واخي في عام 2008 عند افتتاح المطعم بموقعه الجديد ، اما الحجرة الرابعة والاخيرة فهي ” المكتبة ” وهذه الغرف الاربعة لا تفصلها ابواب مغلقة ولا حيطان مكتملة لذا تظل مرتبطة وغير مرتبطة في نفس الوقت .

احببت المطعم نهارا اكثر من المساء كونه اقل صخبا و اكثر اريحيه ، جلسنا وقال لنا النادل لقد تم طلب كل شئ لكم واعداده وتم استبعاد مايلزم استبعاده ، المتبقى اختيار نوع الشاي الذي يرغب كل منا في احتسائه .

اخترت في البداية واثناء تناول الطعام شاي دارجيلنغ ، وختمت جلستي هناك بالشاي المعطر –  الايرل جري –  اثنان من الحضور طلبوا شاي الياسمين ، و واحده فقط اكتفت ببراد صغير من الشاي المعطر طوال الجلسه ، بينما اختار البقية شاي الافطار الانجليزي تحسبا وابتعدا عن اي طعم غير مرغوب به ،  فهم يحبون الشاي كما هو دون درجات مختلفه  او اي نكهات اضافيه او لمسات جديده .

بعد سكب الشاي في اكواب بيضاء خفيفه جدا ، تم تقديم الشطائر الصغيرة فوق لوح اسود وكانت عبارة عن السالمون المدخن في شرائح خبز التوست وتم تقطيعها كمربعات صغيره  ، شرائح الخبز الفرنسي الذي يعلوها بيض تم سلقة وفريه ثم خلطه مع المايونيز والطرخون وقليل من الكاري و يزين ببعض الاعشاب من الاعلى ، شطيرة الكركند – لوبستر – في خبز خاص و مميز تم رش عجينته ببعض الملح الخشن مما جعله اقرب الى الـ ” بريتزل ” من الخبز العادي ، ايضا شرائح من الجبن المقلي يقدم بين اصابع التوست المستطيلة المحمصه بالزبد فوق المقلاة مضاف اليه ماسترد مبهر حاد – لم احب هذا النوع كثيرا –  كذلك تم تقديم الشطيره البريطانيه الشهيره  وهي شرائح الخيار في مثلثات التوست الابيض ، المختلف هنا انه تمت اضافة قليل جدا من الجبن الابيض المدهون مع الخيار عوضا عن الزبده  .

بعد هذا اتت تشكيلة من الاجبان الخاصة  التي يشتهر المطعم بتقديمها وقد اختارها لنا اخي الحبيب سلفا وانتقاها عبر الهاتف احببت منها او للدقه كان الجديد بالنسبة لي تماما  قطع جافة من  جبنة ” قوده ” معتقة لمدة خمس سنوات هولنديه الصنع لها مذاق حلو وكان اضيف لها بعض السكر ولكن دون ان تكون شديدة الحلاوة فطعم الجبن ما زال موجود ، تتكسر داخل الفم  وبالامكان اكلها دون شريحة خبز ،  تم تقديم هذه التشكيلة مع بعض العسل و الجوز المحمص بالسكر ، وقطع المشمش المحلاة ، وبعض شرائح من الخبز الفرنسي لمن يرغب بذلك .

بعد ذلك تم  تقديم قطع الحلوى ، بدء بالكعك المحلى ” سكون ” ومرورا بالبجعات المحشية بكريمة قهوة الاسبريسو ، والبانا كوتا المعدة باللبن الرائب وقد ذكرت صديقة من الحضور انها تشبه طعم حلوى معينه توجد في مصر ربما قالت ان اسمه الرواني ، بالاضافة الى كيك الشوكلاته و اللوز اضافة الى الى البسكوت الهش المحشي بالكاسترد المحلى والمغطى بقطع من الجريب فروت الصغير او احد فصائل البرتقال الحمضيه التي تجعل الطعم غير واضح ويبقى متارجحا ما بين الاثنين  .

ختاما تباينت الاراء حول ما تم تقديمه ولكني احببت ما اكلت و احببت الجلسه على الرغم من كونها لم تكن بالشكل الذي ربما تمناه اخي لنا  لظروف متعدده ، و لم تكن رائعة بشكل او بآخر لكن كل هذا لم يمنعنا من الانسجام او التفاعل معها بنفسيات سعت لان تكون سعيده رغم ما تمر به كل روح على حده ، والمؤكد ان هذه الجلسة لن تنسى و  ستظل عالقة بالذاكرة  لسنين لاحقة ، فشكرا لاخي على هذه الدعوة في اول الموضوع و في آخره .

على الهامش :

+ لزيارة موقع المطعم ومعرفة اسمه وكافة التفاصيل عنه اضغط هنا .

+ لمشاهده ملف فيديو عن المطعم وكيفية اعداد الطعام به اضغط هنا .

+ الصور الفوتغرافيه في الموضوع اعلاه بعدسة كاميرتي .

+ الرسم الداخلي للمطعم  من شبكة الانترنت .

~ بواسطة يزيد في فيفري 23, 2010.

5 تعليقات to “دعوه عبر المحيط”

  1. أعجبني الموضوع (جداً) والتقاطاتك جميلة للغاية لفتتني طريقة التقديم على اللوح الأسود أظن أن له الفضل في جعل الشطائر واضحة جداً وشهية وهو اعطى كل قطعة قيمتها من ناحية اللون ولا شيء يختلط بآخر , أغبطك على استطاعتك تدوين مثل هذه اللحظات التي لا تنسى أحياناً أمر بها و أعجز الكتابة عنها , استمتعت كثيراً هنا 🙂

  2. السلام عليكم
    انا كمان استمتعت كثيرا بالموضوع……….فعلا شيق يااخ يزيد………..وجماله انك تسرده وتضع تفاصيل لا اظن ان يلاحظها احد
    بالفعل انت بسم الله ماشاء الله ماهر ف شرح التفاصيل
    شكرا

  3. تفاصيل يسعدني ان تستمتعي كثير هنا 🙂 فهذا بحد ذاته ممتع بالنسبة لي .

    هاله وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    الشكر لك ولكل من يضيف لي بسطوره ويشعرني بشعوره اتجاه ما اكتب سواء سلبا او ايجابا فانتم بشكل او بآخر مرآة ذاتي لذا الشكر لكم جميعا .

  4. ماشاء الله كل دى أصناف مغرية والله لو الواحد اكل من كل صنف واحدة ما يقدر 🙂 بالف هنا وشفا بتكفي حقيقي اللمة الحلوة

  5. فعلا تكفي اللمه الحلوه لو على عصير ليمون وبدون سكر كمان 🙂

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

 
%d مدونون معجبون بهذه: