اشكرك في غيابك
سيدي الفاضل .. احمد بهجت
كان اول لقاء تعارفي بيننا بمرحلة مبكرة من بداية الثمانينات الميلاديه ، حين ابتاعت امي لي ولاختي مجموعة من قصص الاطفال تحت عنوان رئيسي موحد هو ” قصص القرآن ” .
بها كنت تروي في كل قصة معدودة الصفحات حدث ما و تحت عنوان فرعي خاص بها ، نبأ ابني آدم و الغراب ، الملكة و الهدهد ، اصحاب الاخدود ، قارون ، صاحب الجنتين ، السامري و العجل ، و عناوين اخرى عديده لم اعد اذكرها اليوم .
لكن ما اذكره جيدا عن تلك القصص رسمة محدده لم تزل باقية في ذاكرتي و كأن مصطفى حسين قد رسمها داخل جمجمتي لا على الورق ، لوحة سببت لي بعض الرهبة و شئ من الانقباض في قصة اهل الكهف .
لقد جعل لهم اضافة للشعر الابيض الطويل واللحى الغير مشذبه ، اظافر طويله في اقدامهم وايديهم ، تنثني للامام بانحناء مقوس لا انساه و لون عاجي ، قيل لي انها رمز على مرور الوقت و طول نومهم .
كانت هذه اللوحة نمط فني جديد بالنسبة لي كطفل و يعد اكثر واقعيه و صدقا ولا يتشابه البته او يلتقي مع رسمة الاميره النائمة بشكل جمالي وانيق في احد افلام شركة ديزني الامريكيه !
بعدها بسنوات قليله اهداني والدي نسخة من كتابك قصص الحيوان في القرآن ، جذبتني فكرة ان يروي كل كائن حي قصته وبلسانه كشاهد عيان ، لذا احببته سريعا كما احببت غلافه الملون ، اللامع ، المصقول ، و الذي تزين بلوحة ” هدهد سليمان ” التي قام برسمها و تلوينها مع باقي رسومات الكتاب الفنان ايهاب شاكر .
اما عن اول لقاء عميق بيننا فكان في بداية التسعينات الميلاديه .. حين بدئت تروي لي باسلوب سلس وجميل وحميم قصص الانبياء واحد بعد الآخر دون اسهاب ممل او اختصار يقتل الحدث او يميت روح القصة .
كتابك هذا وجدته في مكتبة ابي وحين بدأت قراءته وجدته ينتهي سريعا بين يدي !
عرفت انه طبع للمرة الاولى في بداية السبعينات الميلاديه لذا شعرت برابط ما اتجاهه كصديق عمره يقارب عمري ، بعد ان اتممته لم يعد يدهشني تكرار طباعته لاكثر من تسعة وعشرون مرة ، فلا بد لكتاب نسج بهذا الحب والصدق والبساطة المتناهية و الغير سهلة التكرار ، ان يباع بيسر و تنفذ نسخه من المكتبات سريعا وان يترجم لاكثر من لغة عالمية .
هذا الامر بالتاكيد كان يسعدك ، و كنت ادرك قبل ان تشرح في مقدمتك سبب سعادتك ، فهي لم تكن لاجل انتشار اسمك وتحليقه خارج حدود الوطن في سماء جديده ، ولم يكن نصر شخصي اطلاقا ، بل كانت فرحة ممتنه شكوره لاجل انتشار الحقيقة التي ذكرها القرآن منذ زمان ، حقيقة اعدت انت روايتها باسلوب مبسط مستعينا بأيات الكتاب الحكيم للتوضيح حينا و لربط حدث بما يليه في حين آخر .
وطوال مشوارك هذا كنت تحي قصص الاولين ، وتعمق الاحساس بالدين ، من خلال بناء ادبي خاص بك لا يتقنه سواك ، وفي هذا حياة لك و للاخرين .
لقد قلت ذات يوم : ” .. ادركت حين كبرت ان المشكلة ليست اضافة سنوات الى حياتنا ، ولكنها مشكلة اضافة حياة الى سنواتنا ” ، وثق بانك و دون ان تدري فعلت هذا و اضفت لحياة و سنوات الأخرين الكثير .
منذ قليل اتاني خبر غيابك و رحيلك عن الحياة الدنيا ، لتكتمل به سبحة الفقدان التي بدأت منذ سنوات و زادت حباتها انفراطا في هذا العام و بشكل ملفت تصعب به عمليات الرصد و محاولات الحساب .
ولا ادري عندها لم شعرت برغبة ما في اضافة كتابك هذا كنسخة الكترونيه هنا !
ربما كنت في اضافتي هذه اسعى لرد الجميل و تقديم جزء يسير من الشكر و العرفان لما قدمته لي ولمن تابعك او قرأ لك من جيلي ، وان ابقيك عبر حروفك حيا رغم غيابك !
جعل الله سطورك هذه صدقة جاريه لك في ميزان اعمالك .. وغفر لك جميع ذنبك .. واسكنك منازل الجنة .. وجمعك بمن كتبت عنهم في دار خلود وبقاء .. وانا لله وانا اليه راجعون .
سردك .. و الصورة بأول الكتاب ليست غريبه عنى أبدا .. لى عودة بعد القراءه
o7447o said this on ديسمبر 12, 2011 في 11:23 م |
وأنا يا يزيد أشكرك في حضورك على كلماتك الرائعة والوفية في حقّ فكرٍ وطرحٍ عرفته دون صاحبه، ومع ذلك فقد بقي له من الأثر في نفسك ما منحك هذه الفرصة للتعبير والشكر للراحل على جهده القدير . يزيد ، أفتقدك في غيابك .
حنان said this on ديسمبر 22, 2011 في 12:59 ص |
o7447o
🙂 اتمنى لك قراءة ممتعه
حنان 🙂
يزيد said this on ديسمبر 30, 2011 في 5:11 ص |
رجل الحواديت
Ladybird said this on جانفي 17, 2012 في 3:29 م |
رحل .. وبقيت قصصه تحكي عنه .
يزيد said this on جانفي 17, 2012 في 5:06 م |
وانا اشكرك بدوري على اضافة الكتاب. مذ قرأت هذا الموضوع قمت مباشرة بتحميل الكتاب وقراءته، واليوم أنهيته آسفة لانتهاء رحلتي معه، وفي قلبي عميق حب لأنبياء الله بعد أنت تعرفت وتبينت قصصهم عن قرب، وتقدير كبير لأحمد بهجت الذي أبهرني في مقدمة طبعات الكتاب، واستمر في ابهاري حتى الصفحة الأخيرة. وشكر وامتنان خاص لك لتعريفك لنا بهذا الكاتب العظيم ومشاركتك الكتاب.
اثناء قراءتي لكتاب انبياء الله كنت اقرأ القصص على بعض الأهل عند اجتماعنا، وكانوا يجتمعون وينصتون باهتمام لم يدهشني استمراره ويطلبون مني المتابعة، وكنت أعيد قص القصص على آخرين بشغف وحب، سعيدة بالتفاصيل التي خفيت علينا واظهرها الكتاب، مستمتعة باللغة السلسة والسرد الجميل الذي خلا من التطويل الممل والاختصار المضر. سرّني ابتعاد الكاتب عن النقل من السيرة لقصص معروفة، واعتماده على الكتابة من زاوية جديدة، واحببت جدا تحليله العقلاني واستبعاده للقصص الموضوعة والاسرائيليات، واحببت تذكيره لنا بموقفنا نحن البشر من الانبياء جميعا ومن الغيبيات. تشعر وانت تقرأ الكتاب أنك تقرأ لرجل مثقف ومتعلم مخلص ومحب، رحم الله أحمد بهجت وجزاه خيرا عن كتابه هذا، واشكرك جدا اذ عرفتنا على الكاتب والكتاب.
آمنة said this on فيفري 3, 2012 في 3:21 ص |
آمنة .. لا تعلمي مدى سعادتي بردة فعلك وسطورك التي كنت ابتسم اثناء مطالعتي لها كونها حققت اقصى ما كنت ارجوه للراحل وهو استمرار عمله الطيب .. لا يوجد لدي كلمات كافيه لسلوكك فلم تكوني مضطره للعوده وللتعبير لكن ما دفعك الى ذلك احساس عالي ونبيل احييك عليه .. ويسعدني ان يكون موجود لديك ولم يختفى في هذه الحياة التي تتبدل بها السلوكيات وقد تدنى في مواقف اخرى .. عميق شكري لك .
يزيد said this on فيفري 3, 2012 في 3:37 م |